responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 150


وثبة تدل على رشاقته وقوته وتمكنه في هذا الفن وإذا لم يكن التخلص كذلك سمي اقتضابا وهو أن ينتقل الشاعر من معنى إلى معنى آخر من غير تعلق بينهما كأنه استهل كلاما آخر وعلى هذه الطريقة مشى غالب العرب وغالب المخضرمين وكثير من شعراء المولدين فمن ذلك قول البحتري في قصيد وقد جرى في ميادين غزلها إلى أن قال من غير ارتباط وردنا إلى الفتح بن خاقان إنه * أعم ندى فيكم وأيسر مطلبا وهذه النبذة التي أبرزتها هنا من نظم المتقدمين في حسن التخلص عزيزة الوجود فإنها ما تيسرت إلا بعد بذل الجهد في جمعها وهذا النوع البديع ما اعتنى به غير حذاق المتأخرين وما نسجوه جميعه إلا على المنوال المذكور ولعمري إنها طريقة بديعة ونوع من السحر يدل على رسوخ القدم في البلاغة وتمكن الذهن من البراعة وإن لم يكن كذلك لم يعد من أنواع البديع والقرائح تختلف فيه وتتفاوت وقد عن لي أن أنبه على قبح المخالص التي لا تعد من أنواع البديع لينفتح ذهن المبتدئ في هذا الفن فمن ذلك قول أبي الطيب المتنبي وإن كانت له المخالص الفائقة غدا بك كل خلو مستهاما * وأصبح كل مستور خليعا أحبك أو يقولوا جر نمل * ثبيرا وابن إبراهيم ريعا أنظر ما أبرد هذا المخلص وأشد تعسفه ومعناه أنه علق انقضاء حبها على غير ممكن وهو أن يجر النمل الجبل المسمى ثبيرا وأن يخاف ممدوحه فجعل خوف الممدوح نظير جر النمل لثبير ليقرر أن كلا منهما من المستحيلات ومن تخاليصه القبيحة أيضا قوله على الأمير يرى ذلي فيشفع لي * إلى التي تركتني في الهوى مثلا وسبب قبح هذا المخلص كونه جعل ممدوحه ساعيا بينه وبين محبوبته في الوصال ولا خفاء في دنو هذه المرتبة وقد سبقه أبو نواس إلى ذلك ولكنه أقل شناعة مع أن الكل قبيح حيث قال سأشكو إلى الفضل بن يحيى بن خالد * هواك لعل الفضل يجمع بيننا وقد سبقهما إلى ذلك قيس بن ذريح حين طلق لبنى وتزوجت غيره فندم على ذلك وشبب بها في كل معنى فرحمه ابن أبي عتيق فسعى في طلاقها من زوجها وأعادها إلى قيس فقال يمدحه جزى الرحمن أفضل ما يجازي * على الإحسان خيرا من صديق فقد جربت إخواني جميعا * فما ألفيت كابن أبي عتيق سعى في جمع شملي بعد صدع * ورأي حدت فيه عن الطريق وأطفأ لوعة كانت بقلبي * أغصتني حرارتها بريقي فلما سمعها ابن أبي عتيق قال لقيس يا حبيبي أمسك عن هذا المدح فما يسمعه أحد إلا ظنني قواد ومن المخالص التي استحسنوها للبحتري قوله رباع تردت بالرياض مجودة * بكل جديد الماء عذب الموارد إذا راوحتها مزنة بكرت لها * شآبيب مجتاز عليها وقاصد كأن يد الفتح بن خاقان أقبلت * عليها بتلك البارقات الرواعد ومن المخالص المستحسنة لأبي تمام قوله من قصيدة ما زلت عن سنن الوداد ولا غدت * نفسي على إلف سواك تحوم لا والذي هو عالم أن النوى * مر وأن أبا الحسين كريم هذا المخلص مقدم على مخالص البحتري من وجوه أحدها التخلص من النسيب إلى المدح والثاني حسن الانسجام والثالث وهو جل القصد الوثبة في بيت التخلص من الشطر الأول إلى الشطر الثاني بأسرع اختلاس وهذا الذي عقد المتأخرون الخناصر عليه وصار لهم فيه اليد الطولى ومثله قوله

150

نام کتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب نویسنده : علي بن محمد الحموي ( ابن حجة الحموي )    جلد : 1  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست