منوال مقبول لأن استعارة الوشاح للهوى المقصور الذي هو الغرام لم يفهم منها شيء يقرب من التشبيه فإن علماء البديع قالوا الاستعارة هي ذكر الشيء باسم غيره وإثبات ما لغيره له لأجل المبالغة في التشبيه وعلى هذا التقدير تكون استعارة الملا للشعور في حالة توشيح الأحباب بها هي الاستعارة التي يستعار منها المحاسن الأدبية فإن حسن التشبيه قد غازل بعيون كماله غزلها والتصريح في البيت بلفظ اللف والنشر والطي يعرفه من له أدنى ذوق مع أني ما اكتفيت بذلك حتى قلت بعد اللف والطي تعرفنا وتعرفنا فيها الاشتراك بين المعرفة والعرف فإذا تقرر أن القافية ميمية ما يتصور في ذوق أن تكون القافية غير نشرهم وقد اجتمع في هذا البيت من أنواع البديع التورية وحسن الاستعارة والترشيح والمطابقة والبسط والانسجام والتمكين والسهولة والتوشيح الذي هو العمدة والله أعلم بالصواب ذكر تشابه الأطراف شابهت أطراف أقوالي فإن أهم * أهم إلى كل واد في صفاتهم هذا النوع الذي سموه تشابه الأطراف هو أيضا مثل المراجعة التي تقدمت ليس في كل منهما كبير أمر وتالله ما خطر لي يوما ولا حسن في الفكر أن ألحق طرفا من تشابه الأطراف بذيل من أبيات شعري ولكن شروع المعارضة ملتزم وتشابه الأطراف هو أن يعيد الناظم لفظة القافية في أول البيت الذي يليها وهذا النوع كان اسمه التسبيغ بسين مهملة وغين معجمة وإنما ابن أبي الأصبع قال هذه التسمية غير لائقة بهذا المسمى فسماه تشابه الأطراف فإن الأبيات فيه تتشابه أطرافها وأحسن ما وقع في هذا النوع قول أبي نواس خزيمة خير بني خازم * وخازم خير بني دارم ودارم خير تميم وما * مثل تميم في بني آدم ولما كان هذا النوع لا يأتي إلا في بيتين والشيخ عز الدين لما التزم أن يأتي به لأجل التورية بالتسمية في بيت واحد شطر البيت شطرين وجعل كل شطر بمنزلة بيت كامل وأعاد لفظ القافية في الشطر الثاني فجاء به في غاية اللطف فإن الشيخ صفي الدين أورد قبله بيت الاكتفاء ويأتي الكلام عليه في موضعه وإنما المراد هنا معرفة تشابه الأطراف وهو قالوا ألم تدر أن الحب غايته * سلب الخواطر والألباب قلت لم لم أدر قبل هواهم والهوى حرم * أن الظباء تحل الصيد في الحرم تشابه الأطراف بين لم ولم في آخر البيت الأول وأول الثاني وبيت الشيخ عز الدين أطرافك اشتبهت قولا متى تلم * تلم فتى زائد البلوى فلم يلم أما قوله أطرافك اشتبهت يضيق الكلام فيه وبيت بديعيتي شابهت أطراف أقوالي فإن أهم * أهم إلى كل واد في صفاتهم والعميان لم ينظموا هذا النوع في بديعيتهم ويا ليتني كنت معهم ذكر التغاير أغاير الناس في حب الرقيب فمذ * أراه أبسط آمالي بقربهم التغاير سماه قوم التلطف وهو أن يتلطف الشاعر بتوصله إلى مدح ما كان قد ذمه هو أو غيره فأما مدح الإنسان ما ذمه غيره فإن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أتى فيه بما يمتزج صافي مشربه بالأرواح وينقلنا ببديع بلاغته من الإبهام إلى الإيضاح فمن ذلك خطبته التي مدح فيها الدنيا مغايرا لأمثاله في ذمها حيث قال أيها الذام للدنيا المغتر بغرورها بم تذمها أنت