نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 286
أتيتم أتيتم وصاح السامعون له بأهليهم وأولادهم وعشائرهم فقالوا : كيف نرحل من هذا الوادي وفيه مواشينا وأموالنا ودورنا وقد استوطناه فقال لهم الناصح : لينج كل واحد منكم بنفسه مما خف عليه من متاعه والا فهو مأخوذ وماله مجتاح فثقل على أصحاب الجد والأموال ورؤساء القوم النقلة ومفارقة ما هم فيه من النعيم والرفاهية والدعة وقال كل أحمق : لي أسوة بالقاعدين فهم أكثر مني مالاً وأهلاً فما أصابهم أصابني معهم ونهض الأقلون مع الناصح ففازوا بالنجاة وصبح الجيش أهل الوادي فقتلهم واجتاح أموالهم . وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المثل بعينه في الحديث المتفق على صحته من حديث أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال : يا قوم اني رأيت الجيش بعيني وأنا النذير العريان فالنجاة النجاة فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق ) . [ فصل ] المثال الخامس عشر : رجل هيأ دارا وزينها ووضع فيها من جميع الآلات ودعا الناس إليها : فكلما دخل داخل أجلسه على فراش وثير وقدم إليه طبقاً من ذهب عليه لحم ووضع بين يديه أوان مفتخرة فيها من كل ما يحتاج إليه وأخدمه عبيده فاستمتع بتلك الآلات والضيافة مدة مقامه في الدار ولم يعلق قلبه بها ولا حدث نفسه بتملكها بل اعتمد مع صاحب الدار ما يعتمده الضيف يجلس حيث أجلسه ويأكل ما قدمه له ولا يسأل عما وراء ذلك اكتفاء منه بعلم صاحب الدار وكرمه وما يفعله مع ضيوفه فدخل الدار كريماً وتمتع فيه كريماً وفارقها كريماً ورب الدار غير ذام له وأما الأحمق فحدث نفسه بسكنى الدار وحوز تلك الآلات إلى ملكه وتصرفه فيها بحسب شهوته وإرادته فتخير المجلس
286
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 286