على جانب رفيع في الأدب المخضرم ، مشاركا في العلوم وكان رحمه الله يوصي دائما بالتأليف وعدم الاعتماد على الذاكرة ، ويتأسّف أنه في شبابه لم يلتزم بذلك ، ومع ذلك فقد خلَّف المؤلفات الجليلة في العمق والتحقيق الرائع والإتقان ، والتي منها : منتهى الأصول في مجلدين - في أصول الفقه - ، والقواعد الفقهية وفيها ستون قاعدة فقهية ، والتعليقة على العروة الوثقى . كان رحمه الله يدرّس صباحا الفقه وعصرا الأصول ، وقد حضرت دورة الأصول الكاملة عنده كما حضرت درسه الخاص في الفقه ، وقد استجزته فطلب مني أن اكتب في موضوع علميّ لينظر فيه - وقد كان مني بمنزلة الأب وكنت أسأله عن كل صغيرة وكبيرة - فقررت أن اكتب نقدا للتعليقات التي هي محط أنظار الفقهاء ، وجمعت في النقد والتحكيم بينه وبين شيخي الآخر السيد أبو القاسم الخوئي قدّس سرّه وسميته « المحاكمات بين التعليقات » ، ولما أعطيته مبحث التقليد قرأه بدقة وكتب حوله بعض الملاحظات كما شافهني ببعض الملاحظات الأخرى ، وأوصاني رحمه الله بالاستمرار بالكتابة وعدم الاجتماع بإخوان المكاشرة ، وقال : يا ليتني كنت مكانك وفي عمرك كي أستمر في ما تستمر أنت فيه ، وكان من أمانيه التي يكررها دائما أن يكتب تفسيرا للقرآن بأسلوب مختصر ، ولكن لم يمهله الأجل ، ولمّا رأيت حرمانه من أمنيته هذه وأنا اقاسي الوحدة والوحشة ، كتبت تفسيرا للقرآن الكريم اعتمدت فيه على الذاكرة غالبا . وعسى أن يوفقني الله لإتمامه . وبالجملة ، فقد كان رحمه الله على جانب عظيم من العلم والتقى ، وقد وافاه الأجل في النجف - وكنت بعيدا عنها - في 23 جمادى الثانية 1395 ه ، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون ، وقد أرخ وفاته الحجة السيد موسى بحر العلوم بقوله : < شعر > قواعد الفقه بقت قائمة آثارها على مرور الزمن لم يبلها الدهر لأنها على أساس منتهى الأصول مبتنى قد أصبحت بعد أبي مهديها موارد العقول ورد الألسن < / شعر >