responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 334


وقد قال الله تعالى : * ( وهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) * [ الأعراف : 196 ] . وهذا وصف للتواب وهو المتحقق بالتوبة والحبيب لله تعالى كما قال تعالى : * ( إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) * [ البقرة : 222 ] أي يتولى الراجعين إليه من أ هوائهم المتطهرين له من المكاره . وكما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : التائب حبيب الله . وسئل أبو محمد سهل : متى يكون العبد التائب حبيب الله تعالى ؟ فقال : حتى يكون كما قال الله تعالى : * ( التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ) * [ التوبة : 112 ] الآية . ثم قال الحبيب : لا يدخل في شيء لا يحبه الحبيب . وقال : لا تصح التوبة حتى يتوب من الحسنات . وقد قال غيره من العارفين : العامة يتوبون من سيئاتهم والصوفية يتوبون من حسناتهم يعني من تقصيرهم في أدائها العظيم ما يشهدون من حق الملك العزيز سبحانه وتعالى المقابل بها ومن نظرهم إليها أو نظرهم إلى نفوسهم بها وهي منّة الله تعالى إليهم واصلة . وكان سهل يقول : التوبة من أفضل الأعمال لأن الأعمال لا تصحّ إلا بها ولا تصحّ التوبة إلا بترك كثير من الحلال مخافة أن يخرجهم إلى غيره .
والاستغفار قوت التّوابين ومفزع الخاطئين . قال الله تعالى وهو أصدق القائلين : * ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) * [ هود : 52 ] . وقال تعالى : * ( أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى الله ويَسْتَغْفِرُونَهُ ) * [ المائدة : 74 ] فابتدئ التوبة بالاستغفار وعقب الاستغفار بالتوبة ، فالاستغفار مع الذنب سؤال الستر من الله تعالى ومغفرة الله تعالى لعبده في حال ذنبه ستره عليه وحلمه عنه ويقال : ما من ذنب ستره الله تعالى على عبده في الدنيا إلا غفر له في الآخرة . إن الله تعالى أكرم من أن يكشف ذنبا كان قد ستره وما من ذنب كشفه الله في الدنيا إلا جعل ذلك عقوبة عبده في الآخرة فاللَّه أكرم من أن يثنى عقوبته على عبده .
وروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما نحو ذلك وقد أسنداه من طريق الاستغفار بعد التوبة وهو سؤال العبد مولاه العفو عن المؤاخذة ومغفرة الله تعالى لعبده بعد التوبة تكفيره لسيئاته وتجاوزه عنها بالعفو الكريم وهو تبديل السيئات حسنات كما جاء في الخبر أن تفسير قول العبد : يا كريم العفو قال : هو إن عفا برحمته عن السيئات ثم بدلها بكرمه حسنات وقد أحكم الله تعالى ذلك بقوله : * ( فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ واسْتَغْفِرُوهُ ) * [ فصلت : 6 ] بعد قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا ) * [ فصلت : 30 ] ، أي وحّدوا الله تعالى ثم استقاموا على التوحيد فلم يشركوا وقيل : استقاموا على السنة فلم يحدثوا وقيل : استقاموا على التوبة فلم يروغوا معها أن لا تخافوا عقاب الذنوب فقد كفرها عنكم بالتوحيد ولا تحزنوا على ما فاتكم من الأعمال فقد تداركها الله تعالى لكم بالتوبة وبلغكم منازل المحسنين بالاستقامة . ثم قال

334

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست