responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 256


مكلفا بما لم يبلغه . الشبهة الثانية : قولهم تبليغ العام دون دليل الخصوص تجهيل فإنه يعتقد العموم وهو جهل ، قلنا جهل من جهته إن اعتقد جزما عمومه ، بل ينبغي أن يعتقد أن ظاهره العموم وهو محتمل للخصوص ومكلف بطلب دليل الخصوص إلى أن يبلغه أو يظهر له انتفاؤه ، لأنه إن اعتقد أنه عام قطعا أو خاص قطعا أو لا عام ولا خاص ، أو هو عام وخاص معا ، فكل ذلك جهل ، فإذا بطل الكل لم يبق إلا اعتقاد أنه ظاهر في العموم محتمل للخصوص ، وبهذا يتبين بطلان مذهب أبي حنيفة حيث قال : قوله : * ( فتحرير رقبة ) * ( النساء : 92 ، المجادلة : 3 ) يجب أن يعتقد عمومه قطعا حتى يكون إخراج الكافرة نسخا ، وقوله : * ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) * ( الحج : 92 ) يجب اعتقاد إجزائه قطعا ، حتى يكون اشتراط الطهارة بدليل آخر نسخا ، وهو خطأ بل يعتقده ظاهرا محتملا ، أو يتوقف عن القطع والجزم نفيا وإثباتا ، فإنه ليس بقاطع .
الفصل الثالث في الوقت الذي يجوز للمجتهد الحكم بالعموم فيه فإن قال قائل :
إذا لم يجز الحكم بالعموم ما لم يتبين انتفاء دليل الخصوص ، فمتى يتبين له ذلك : وهل يشترط أن يعلم انتفاء المخصص قطعا أو يظنه ظنا ؟ قلنا : لا خلاف في أنه لا يجوز المبادرة إلى الحكم بالعموم قبل البحث عن الأدلة العشرة التي أوردناها في المخصصات ، لان العموم دليل بشرط انتفاء المخصص ، والشرط بعد لم يظهر ، وكذلك كل دليل يمكن أن يعارضه دليل ، فهو دليل بشرط السلامة عن المعارضة ، فلا بد من معرفة الشرط ، وكذلك الجمع بعلة مخيلة بين الفرع والأصل دليل بشرط أن لا ينقدح فرق فعليه أن يبحث عن الفوارق جهده أو ينفيها ثم يحكم بالقياس ، وهذا الشرط لا يحصل إلا بالبحث ، ولكن المشكل أنه إلى متى يجب البحث فإن المجتهد وإن استقصى أمكن أن يشذ عنه دليل لم يعثر عليه فكيف يحكم مع إمكانه ، أو كيف ينحسم سبيل إمكانه ، وقد انقسم الناس في هذا على ثلاثة مذاهب : فقال قوم : يكفيه أن يحصل غلبة الظن بالانتفاء عند الاستقصاء في البحث ، كالذي يبحث عن متاع في بيت فيه أمتعة كثيرة فلا يجده ، فيغلب على ظنه عدمه ، وقائل يقول : لا بد من اعتقاد جازم وسكون نفس بأنه لا دليل ، أما إذا كان يشعر بجواز دليل يشذ عنه ويحيك في صدره إمكانه ، فكيف يحكم بدليل يجوز أن يكون الحكم به حراما ؟ نعم إذا اعتقد جزما وسكنت نفسه إلى الدليل جاز له الحكم كان مخطئا عند الله أو مصيبا ، كما لو سكنت نفسه إلى القبلة فصلى إليها ، وقال قوم : لا بد أن يقطع بانتفاء الأدلة ، وإليه ذهب القاضي لان الاعتقاد الجزم من غير دليل قاطع سلامة قلب وجهل ، بل العالم الكامل يشعر نفسه بالاحتمال حيث لا قاطع ولا تسكن نفسه ، والمشكل على هذا طريق تحصيل القطع بالنفي ، وقد ذكر فيه القاضي مسلكين : أحدهما : إنه إذا بحث في مسألة قتل المسلم بالذمي عن مخصصات قوله : لا يقتل مؤمن بكافر مثلا : فقال هذه مسألة طال فيها خوض العلماء وكثر بحثهم فيستحيل في العادة أن يشذ عن جميعهم مدركها وهذه المدارك المنقولة عنهم علمت بطلانها ، فأقطع بأن لا مخصص لها ، وهذا فاسد من وجهين : أحدهما : إنه حجر على الصحابة أن يتمسكوا بالعموم في كل واقعة لم يكثر الخوض فيها ولم يطل البحث عنها ، ولا

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست