نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 251
موجود في أصل القياس ، وزيادة ضعف ما يختص به من احتمال الخصوص ، والمجاز إذ القياس ربما يكون منتزعا من خبر واحد فيتطرق الاحتمال إلى أصله ، وربما استنبطه من ليس أهلا للاجتهاد ، فظن أنه من أهله ، ولا حكم لاجتهاد غير الأهل ، والعموم لا يستند إلى اجتهاد وربما يستدل على إثبات العلة بما يظنه دليلا وليس بدليل ، وربما لا يستوفي جميع أوصاف الأصل فيشذ عنه وصف داخل في الاعتبار ، وربما يغلط في إلحاق الفرع به لفرق دقيق بينهما لم يتنبه له ، فمظنة الاحتمال والغلط في القياس أكثر . الحجة الثانية : قولهم تخصيص العموم بالقياس جمع بين القياس وبين الكتاب ، فهو أولى من تعطيل أحدهما أو تعطيلهما وهذا فاسد ، لان القدر الذي وقع فيه التقابل ليس فيه جمع ، بل هو رفع للعموم وتجريد للعمل بالقياس . حجة الواقفية : قالوا إذا بطل كلام المرجحين كما سبق ، وكل واحد من القياس والعموم دليل لو انفرد وقد تقابلا ولا ترجيح ، فهل يبقى إلا التوقف ، لان الترجيح إما أن يدرك بعقل أو نقل والعقل إما نظري أو ضروري ، والنقل إما تواتر أو آحاد ، ولم يتحقق شئ من ذلك ، فيجب طلب دليل آخر ، فإن قيل : هذا يخالف الاجماع ، لان الأمة مجمعة على تقديم أحدهما وإن اختلفوا في التعيين ، ولم يذهب أحد قبل القاضي إلى التوقف ، أجاب القاضي : بأنهم لم يصرحوا ببطلان التوقف قطعا ولم يجمعوا عليه ، لكن كل واحد رأى ترجيحا . والاجماع لا يثبت بمثل ذلك ، كيف ومن لا يقطع ببطلان مذهب مخالفه في ترجيح القياس كيف يقطع بخطئه إن توقف ؟ حجة من فرق بين جلى القياس وخفيه : وهي أن جلي القياس قوي وهو أقوى من العموم والخفي ضعيف ، ثم حكي عنهم أنهم فسروا الجلي بقياس العلة ، والخفي بقياس الشبه ، وعن بعضهم أن الجلي مثل قوله عليه السلام : " لا يقض القاضي وهو غضبان " وتعليل ذلك بما يدهش العقل عن تمام الفكر حتى يجري في الجائع والحاقن خفي . والمختار أن ما ذكروه غير بعيد ، فإن العموم يفيد ظنا ، والقياس يفيد ظنا ، وقد يكون أحدهما أقوى في نفس المجتهد ، فيلزمه اتباع الأقوى ، والعموم تارة يضعف بأن لا يظهر منه قصد التعميم ، ويظهر ذلك بأن يكثر المخرج منه ويتطرق إليه تخصيصات كثيرة ، كقوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) ( البقرة : 572 ) فإن دلالة قوله عليه السلام : " لا تبيعوا البر بالبر " ، على تحريم الأرز ، والتمر أظهر من دلالة هذا العموم على تحليله ، وقد دل الكتاب على تحريم الخمر ، وخصص به قوله تعالى : * ( قل لا أجد فيما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه ) * ( الانعام : 541 ) وإذا ظهر منه التعليل بالاسكار فلو لم يرد خبر في تحريم كل مسكر لكان إلحاق النبيذ بالخمر بقياس الاسكار أغلب على الظن من بقائه تحت عموم قوله : * ( لا أحد فيما أوحى إلى محرما ) * ( الانعام : 541 ) وهذا ظاهر في هذه الآية ، وآية احلال البيع لكثرة ما أخرج منهما ولضعف قصد العموم فيهما ، ولذلك جوزه عيسى بن أبان في أمثاله دون ما بقي على العموم ، ولكن لا يبعد ذلك عندنا أيضا فيما بقي عاما لأنا لا نشك في أن العمومات بالإضافة إلى بعض المسميات تختلف في القوة لاختلافها في ظهور إرادة قصد ذلك
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 251