نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 236
ذلك ، ولعله عليه السلام عرف خصوص الحال فأجاب بناء على معرفته ولم يستفصل ، فهذا تقرير عموم بالوهم المجرد . - مسألة ( ورود العام على سبب خاص لا يسقط دعوى العموم ، كقوله ( صلى الله عليه وسلم ) حيث مر بشاة ميمونة : أيما إهاب دبغ فقد طهر وقال قوم : يسقط عمومه ، وهو خطأ ، نعم : يصير احتمال التخصيص أقرب ، ويقنع فيه بدليل أخف وأضعف ، وقد يعرف بقرينة اختصاصه بالواقعة ، كما إذا قيل : كلم فلانا في واقعة ، فقال : والله لا أكلمه أبدا ، فإنه يفهم بالقرينة أنه يريد ترك الكلام في تلك الواقعة لا على الاطلاق ، والدليل على بقاء العموم أن الحجة في لفظ الشارع لا في السؤال والسبب ، ولذلك يجوز أن يكون الجواب معدولا عن سنن السؤال ، حتى لو قال السائل : أيحل شرب الماء وأكل الطعام والاصطياد ؟ فيقول : الاكل واجب والشرب مندوب ، والصيد حرام ، فيجب اتباع هذه الأحكام وإن كان فيه خطر ، ووجوب والسؤال وقع عن الإباحة فقط ، وكيف ينكر هذا وأكثر أصول الشرع خرجت على أسباب ، كقوله تعالى : * ( لبئس ) * ( المائدة : 83 ) نزل في سرقة المجن أو رداء صفوان ، ونزلت آية الظهار في سلمة بن صخر ، وآية اللعان في هلال بن أمية ، وكل ذلك على العموم . وشبه المخالفين ثلاث : الأولى : أنه لو لم يكن للسبب تأثير والنظر إلى اللفظ خاصة فينبغي أن يجوز إخراج السبب بحكم التخصيص عن عموم المسميات ، كما لو لم يرد على سبب ، قلنا : لا خلاف في أن كلامه بيان للواقعة ، لكن الكلام في أنه بيان له خاصة أوله ولغيره ، واللفظ يعمه ويعم غيره ، وتناوله له مقطوع به وتناوله لغيره ظاهر ، فلا يجوز أن يسأل عن شئ فيجيب عن غيره ، نعم : يجوز أن يجيب عنه وعن غيره ، ويجوز أيضا أن يجيب عن غيره بما ينبه على محل السؤال ، كما قال لعمر : أرأيت لو تمضمضت ، وقد سأله عن القبلة وقال للخثعمية ، أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته . الشبهة الثانية : إنه لو لم يكن للسبب مدخل لما نقله الراوي ، إذ لا فائدة فيه ، قلنا : فائدته معرفة أسباب التنزيل والسير والقصص واتساع علم الشريعة ، وأيضا : امتناع إخراج السبب بحكم التخصيص بالاجتهاد ، ولذلك غلط أبو حنيفة رحمه الله في إخراج الأمة المستفرشة من قوله : الولد للفراش ، والخبر إنما ورد في وليدة زمعة ، إذ قال عبد بن زمعة : هو أخي وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه ، فقال عليه السلام : الولد للفراش وللعاهر الحجر فأثبت للأمة فراشا ، وأبو حنيفة لم يبلغه السبب ، فأخرج الأمة من العموم . الشبهة الثالثة : إنه لولا أن المراد بيان السبب لما أخر البيان إلى وقوع الواقعة ، فإن الغرض إذا كان تمهيد قاعدة عامة فلم أخرها إلى وقوع واقعة ؟ قلنا : ولم قلتم : لا فائدة في تأخيره ، والله تعالى أعلم بفائدته ، ولم طلبتم لافعال الله فائدة ؟ بل لله تعالى أن ينشئ التكليف في أي وقت شاء ، ولا يسأل عما يفعل ، ثم نقول : لعله علم أن تأخيره إلى الواقعة لطف ومصلحة للعباد ، داعية إلى الانقياد ، ولا يحصل ذلك بالتقديم والتأخير ، ثم نقول : يلزم لهذه العلة اختصاص الرجم بما عز ، والظهار واللعان ، وقطع السرقة بالاشخاص الذين ورد فيهم ، لان الله تعالى آخر البيان إلى وقوع وقائعهم ، وذلك خلاف الاجماع .
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 236