responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 228


الدال هو المؤكد دون التأكيد ، فإن التأكيد تابع ، وإنما يؤكد بالاستغراق ما يدل على استغراق الجماعة الذين أرادهم بلفظ الناس ، قلنا : لا يشعر بالاستغراق ، كما لو قال : أكرم الفرقة والطائفة كلهم وكافتهم وجملتهم ، لم يتغير به مفهوم لفظ الفرقة ، ولم يتعين للأكثر ، بل نقول :
لو كان لفظ الناس يدل على الاستغراق لم يحسن أن يقول : كافتهم وجملتهم فإنما تذكر هذه الزيادة لمزيد فائدة فهو مشعر بنقيض غرضهم .
الدليل الرابع : أن صيغ العموم باطل أن تكون لأقل الجمع خاصة كما سيأتي ، وباطل أن تكون مشتركا ، إذ يبقى مجهولا ، ولا يفهم إلا بقرينة ، وتلك القرينة لفظ أو معنى ، فإن كان لفظا فالنزاع في ذلك اللفظ قائم ، فإن الخلاف في أنه : هل وضع العرب صيغة تدل على الاستغراق أم لا ؟ وإن كان معنى فالمعنى تابع للفظ ، فكيف تزيد دلالته على اللفظ ؟
الاعتراض : إن قصد الاستغراق يعلم بعلم ضروري يحصل عن قرائن أحوال ورموز وإشارات وحركات من المتكلم وتغيرات في وجهه ، وأمور معلومة من عادته ومقاصده ، وقرائن مختلفة لا يمكن حصرها في جنس ولا ضبطها بوصف ، بل هي كالقرائن التي يعلم بها خجل الخجل ووجل الوجل وجبن الجبان ، وكما يعلم قصد المتكلم إذا قال : السلام عليكم ، أنه يريد التحية ، أو الاستهزاء واللهو ، ومن جملة القرائن فعل المتكلم ، فإنه إذا قال : على المائدة هات الماء ، فهم أنه يريد الماء العذب البارد دون الحار الملح ، وقد تكون دليل العقل كعموم قوله تعالى : * ( وهو بكل شئ عليم ) * ( البقرة : 92 ) ، ( الانعام : 101 ) ، * ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) * وخصوص قوله تعالى : * ( الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل ) * ( الزمر : 62 ) إذ لا يدخل فيه ذاته وصفاته ، ومن جملته تكرير الألفاظ المؤكدة ، كقوله : اضرب الجناة ، وأكرم المؤمنين كافتهم ، صغيرهم وكبيرهم ، شيخهم وشابهم ، ذكرهم وأنثاهم ، كيف كانوا وعلى أي وجه وصورة كانوا ، ولا تغادر منهم أحدا بسبب من الأسباب ووجه من الوجوه ، ولا يزال يؤكد حتى يحصل علم ضروري بمراده ، أما قولهم ما ليس بلفظ فهو تابع للفظ فهو فاسد ، فمن سلم أن حركة المتكلم وأخلاقه وعادته وأفعاله وتغير لونه وتقطيب وجهه وجبينه وحركة رأسه وتقليب عينيه تابع للفظه ، بل هذه أدلة مستقلة يفيد اقتران جملة علوما ضرورية ، فإن قيل : فبم عرفت الأمة عموم ألفاظ الكتاب والسنة وإن لم يفهموه من اللفظ ، وبم عرف الرسول من جبريل ، وجبريل من الله تعالى ، حتى عمموا الاحكام ؟ قلنا :
أما الصحابة رضوان الله عليهم فقد عرفوه بقرائن أحوال النبي عليه السلام وتكريراته وعادته المتكررة ، وعلم التابعون بقرائن أحوال الصحابة وإشاراتهم ، ورموزهم وتكريراتهم المختلفة ، وأما جبريل عليه السلام فإن سمع من الله بغير واسطة ، فالله تعالى يخلق له العلم الضروري بما يريده بالخطاب بكلامه المخالف لأجناس كلام الخلق ، وإن رآه جبريل في اللوح المحفوظ فبأن يراه مكتوبا بلغة ملكية ودلالة قطعية لا احتمال فيها .
الدليل الخامس : وهو عمدتهم : إجماع الصحابة فإنهم وأهل اللغة بأجمعهم أجروا ألفاظ الكتاب والسنة على العموم ، إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وإنهم كانوا يطلبون دليل الخصوص لا دليل العموم ، فعملوا بقول الله تعالى : * ( يوصيكم الله في أولادكم ) *

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست