نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 194
الحصاد فالتسوية بينهما تعسف وظلم . الجواب الثاني : أنا نجوز للنبي عليه السلام أن يخاطب جميع أهل الأرض من الزنج والترك بالقرآن ، ويشعرهم أنه يشتمل على أوامر يعرفهم بها المترجم ، وكيف يبعد هذا ونحن نجوز كون المعدوم مأمورا على تقدير الوجود ، فأمر العجم على تقدير البيان أقرب ؟ نعم : لا يحصل ذلك خطابا ، بل إنما يسمى خطابا إذا فهمه المخاطب ، والمخاطب في مسألتنا فهم أصل الامر بالزكاة ، وجهل قدر الحق الواجب عند الحصاد ، وكذلك قوله تعالى : * ( أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح ) * ( البقرة : 732 ) مفهوم وتردده بين الزوج والولي معلوم والتعيين منتظر ، فإن قيل : فليجز خطاب المجنون والصبي ؟ قلنا : أما من لا يفهم فلا يسمى مخاطبا ويسمى مأمورا ، كالمعدوم على تقدير الوجود وكذلك لا لصبي مأمور على تقدير البلوغ ، أعني من علم الله أنه سيبلغ ، أما الذي يفهم ويعلم الله ببلوغه فلا نحيل أن يقال له : إذا بلغت فأنت مأمور بالصلاة والزكاة ، والصبا لا ينافي مثل هذا الخطاب ، وإنما ينافي خطابا يعرضه للعقاب في الصبا . الثانية : قولهم الخطاب يراد لفائدة وما لا فائدة فيه ، فيكون وجوده كعدمه ، ولا يجوز أن يقول : أبجد هوز ، ويريد به وجوب الصلاة والصوم ثم يبينه من بعد ، لأنه لغو من الكلام ، وكذلك المجمل الذي لا يفيد ؟ قلنا : إنما يجوز الخطاب بمجمل يفيد فائدة ما لان قوله تعالى : * ( وآتوا حقه يوم حصاده ) * ( الانعام : 141 ) يعرف منه وجوب الايتاء ووقته ، وأنه حق في المال ، فيمكن العزم فيه على الامتثال والاستعداد له ، ولو عزم على تركه عصى ، وكذلك مطلق الامر إذا ورد ولم يتبين أنه للايجاب أو الندب ، أو أنه على الفور أو التراخي ، أو أنه للتكرار أو للمرة الواحدة أفاد علم اعتقاد الأصل ومعرفة التردد بين الجهتين ، وكذلك : ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) [ البقر : 237 ] يعرف إمكان سقوط المهر بين الزوج والولي ، فلا يخلو عن أصل الفائدة ، وإنما يخلو عن كمالها وذلك غير مستنكر ، بل هو واقع في الشريعة والعادة ، بخلاف قوله : أبجد هوز ، فإن ذلك لا فائدة له أصلا . الثالثة : أنه لا خلاف في أنه لو قال : في خمس من الإبل شاة وأراد خمسا من الأفراس لا يجوز ذلك ، وإن كان بشرط البيان بعده ، لأنه تجهيل في الحال وإيهام لخلاف المراد فكذلك قوله : * ( ( 9 ) فاقتلوا المشركين ) * ( التوبة : 5 ) يوهم قتل كل مشرك وهو خلاف المراد ، فهو تجهيل في الحال ، ولو أراد بالعشرة سبعة كان ذلك تجهيلا ، وإن كان ذلك جائزا إن اتصل الاستثناء به بأن يقول : عشرة إلا ثلاثة ، وكذلك العموم للاستغراق في الوضع إنما يراد به الخصوص ، بشرط قرينة متصلة مبينة ، فأما إرادة الخصوص دون القرينة فهو تغيير للوضع ، وهذا حجة من فرق بين العام والمجمل ، والجواب : أن العموم لو كان نصا في الاستغراق لكان كما ذكرتموه ، وليس كذلك ، بل هو مجمل عند أكثر المتكلمين ، متردد بين الاستغراق والخصوص ، وهو ظاهر عند أكثر الفقهاء في الاستغراق ، وإرادة الخصوص به من كلام العرب ، فإن الرجل قد يعبر بلفظ العموم عن كل ما تمثل في ذهنه وحضر في فكره ، فيقول مثلا ليس للقاتل من الميراث شئ ، فإذا قيل له : فالجلاد والقاتل قصاصا لم يرث . فيقول : ما أردت هذا ولم يخطر لي بالبال ، ويقول : للبنت النصف من الميراث ، فيقال :
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 194