responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 183


والقرآن نزل بلغة العرب ، قال الله تعالى : * ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) * ( يوسف : 2 ) ، * ( بلسان عربي مبين ) * * ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) * ( إبراهيم : 4 ) ولو قال : أطعموا العلماء : وأراد الفقراء لم يكن هذا بلسانهم ، وإن كان اللفظ المنقول عربيا ، فكذلك إذا نقل اللفظ عن موضوعه إلى غير موضوعه ، أو جعل عبارة عن بعض موضوعه ، أو متناولا لموضوعه وغير موضوعه ، فكل ذلك ليس من لسان العرب . الثاني : أن الشارع لو فعل ذلك للزمه تعريف الأمة بالتوقيف نقل تلك الأسامي ، فإنه إذا خاطبهم بلغتهم لم يفهموا إلا موضوعها ، ولو ورد فيه توقيف لكان متواترا ، فإن الحجة لا تقوم بالآحاد ، احتجوا بقوله تعالى :
* ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) * ( البقرة : 341 ) وأراد به الصلاة نحو بيت المقدس ، وقال ( ص ) : نهيت عن قتل المصلين وأراد به المؤمنين ، وهو خلاف اللغة ، قلنا :
أراد بالايمان التصديق بالصلاة والقبلة ، وأراد بالمصلين المصدقين بالصلاة ، وسمي التصديق بالصلاة صلاة على سبيل التجوز ، وعادة العرب تسمية الشئ بما يتعلق به نوعا من التعلق والتجوز منفس اللغة ، احتجوا بقوله : الايمان بضع وسبعون بابا ، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق وتسمية الإماطة إيمانا خلاف الوضع ، قلنا : هذا من أخبار الآحاد ، فلا يثبت به مثل هذه القاعدة ، وإن ثبتت فهي دلالة الايمان ، فيتجوز بتسميته أيمانا ، احتجوا بأن الشرع وضع عبادات لم تكن معهودة ، فافتقرت إلى أسام ، وكان استعارتها من اللغة أقرب من نقلها من لغة أخرى أو إبداع أسام لها ، قلنا : لا نسلم أنه حدث في الشريعة عبادة لم يكن لها اسم في اللغة ، فإن قيل : فالصلاة في اللغة ليست عبارة عن الركوع والسجود ، ولا الحج عبارة عن الطواف والسعي ، قلنا : عنه جوابان : الأول : أنه ليست الصلاة في الشرع أيضا عبارة عنه بل الصلاة عبارة عن الدعاء كما في اللغة ، والحج عبارة عن القصد ، والصوم عبارة عن الامساك ، والزكاة عبارة عن النمو ، لكن الشرع شرط في أجزاء هذه الأمور أمورا أخر تنضم إليها ، فشرط في الاعتداد بالدعاء الواجب انضمام الركوع والسجود إليه ، وفي قصد البيت أن ينضم إليه الوقوف والطواف والاسم غير متناول له ، لكنه شرط الاعتداد ، بما ينطلق عليه الاسم ، فالشرع تصرف بوضع الشرط لا بتغيير الوضع . الثاني : أنه يمكن أن يقال : سميت جميع الأفعال صلاة لكونها متبعا بها فعل الامام ، فإن التالي للسابق في الخيل يسمى مصليا لكونه متبعا ، هذا كلام القاضي رحمه الله ، والمختار عندنا أنه لا سبيل إلى إنكار تصرف الشرع في هذه الأسامي ، ولا سبيل إلى دعوى كونها منقولة عن اللغة بالكلية ، كما ظنه قوم ، ولكن عرف اللغة تصرف في الأسامي من وجهين : أحدهما : التخصيص ببعض المسميات ، كما في الدابة ، فتصرف الشرع في الحج والصوم والايمان من هذا الجنس إذ للشرع عرف في الاستعمال كما للعرب . والثاني : في إطلاقهم الاسم على ما يتعلق به الشئ ويتصل به ، كتسميتهم الخمر محرمة ، والمحرم شربها ، والام محرمة والمحرم وطؤها ، فتصرفه في الصلاة كذلك ، لان الركوع والسجود شرطه الشرع في تمام الصلاة ، فشمله الاسم بعرف استعمال الشرع إذ إنكار كون الركوع والسجود ركن الصلاة ، ومن نفسها بعيد ، فتسليم هذا القدر من التصرف بتعارف الاستعمال للشرع أهون من

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست