responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 179


اختلف قول الشافعي في مسألة الوليين ، ولو قيل بالفسخ من حيث تعذر إمضاء العقد فليس ذلك حكما بمجرد مصلحة ، لا يعتضد بأصل معين ، بل تشهد له الأصول المعينة ، أما تباعد الحيضة فلا خلاف فيها في مذهب الشافعي ، ولم يبلغنا خلاف عن العلماء ، وقد أوجب الله تعالى التربص بالأقراء إلا على اللائي يئسن من المحيض ، وليست هذه من الآيسات ، ما من لحظة إلا ويتوقع فيها هجوم الحيض وهي شابة ، فمثل هذا القدر النادر لا يسلطنا على تخصيص النص ، فإنا لم نر الشرع يلتفت إلى النوادر في أكثر الأحوال ، وكان لا يبعد عندي لو اكتفي بأقصى مدة الحمل وهو أربع سنين ، لكن لما أوجبت العدة مع تعليق الطلاق على يقين البراءة غلب التعبد فإن قيل : فقد ملتم في أكثر هذه المسائل إلى القول بالمصالح ثم أوردتم هذا الأصل في جملة الأصول الموهومة ، فليلحق هذا بالأصول الصحيحة ليصير أصلا خامسا بعد الكتاب والسنة والاجماع والعقل ، قلنا : هذا من الأصول الموهومة ، إذ من ظن أنه أصل خامس فقد أخطأ ، لأنا رددنا المصلحة إلى حفظ مقاصد الشرع ، ومقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والاجماع ، فكل مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود ، فهم من الكتاب والسنة والاجماع ، وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشرع ، فهي باطلة مطرحة ، ومن صار إليها فقد شرع ، كما أن من استحسن فقد شرع ، وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصودا بالكتاب والسنة والاجماع ، فليس خارجا من هذه الأصول ، لكنه لا يسمى قياسا ، بل مصلحة مرسلة ، إذ القياس أصل معين ، وكون هذه المعاني مقصودة عرفت لا بدليل واحد ، بل بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الامارات تسمى لذلك مصلحة مرسلة ، وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع ، فلا وجه للخلاف في اتباعها ، بل يجب القطع بكونها حجة ، وحيث ذكرنا خلافا فذلك عند تعارض مصلحتين ومقصودين ، وعند ذلك يجب ترجيح الأقوى ، ولذلك قطعنا بكون الاكراه مبيحا لكلمة الردة ، وشرب الخمر ، وأكل مال الغير ، وترك الصوم والصلاة ، لان الحذر من سفك الدم أشد من هذه الأمور ، ولا يباح به الزنا ، لأنه مثل محذور الاكراه ، فإذا منشأ الخلاف في مسألة الترس الترجيح ، إذ الشرع ما رجح الكثير على القليل في مسألة السفينة ، ورجح الكل على الجزء في قطع اليد المتأكلة ، وهل يرجح الكلي على الجزئي في مسألة الترس ؟ فيه خلاف ولذلك يمكن إظهار هذه المصالح في صيغة البرهان ، إذ تقول في مسألة الترس مخالفة مقصود الشرع حرام وفي الكف عن قتال الكفار ، مخالفة لمقصود الشرع . فإن قيل : لا ننكر أن مخالفة مقصود الشرع حرام ، ولكن لا نسلم أن هذه مخالفة ؟
قلنا : قهر الكفار واستعلاء الاسلام مقصود ، وفي هذا استئصال الاسلام واستعلاء الكفر ، فإن قيل : فالكف عن المسلم الذي لم يذنب مقصود ، وفي هذا مخالفة المقصود ؟ قلنا : هذا مقصود ، وقد اضطررنا إلى مخالفة أحد المقصودين ، ولا بد من الترجيح ، والجزئي محتقر بالإضافة إلى الكلي ، وهذا جزئي بالإضافة ، فلا يعارض بالكلي ، فإن قيل : مسلم أن هذا جزئي ، ولكن لا يسلم أن الجزئي محتقر بالإضافة إلى الكلي ، فاحتقار الشرع له يعرف بنص أو قياس على منصوص ؟ قلنا : قد عرفنا ذلك لا بنص واحد معين ، بل بتفاريق أحكام واقتران

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست