نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 151
الشك في دوامها ، وهاهنا الشك في أصل الاجماع ، لان الاجماع موقوف على حصول نعت الكلية لهم ، ونعت الكلية موقوف على معرفة انتفاء الخلاف ، فإذا شككنا في انتفاء الخلاف شككنا في الكلية فشككنا في الاجماع ؟ قلنا : لا بل نعت الكلية حاصل للتابعين ، وإنما ينتفي بمعرفة الخلاف فإذا لم يعرف بقيت الكلية ، وما ذكروه يضاهي قول القائل : الحجة في نص مات الرسول عليه السلام قبل نسخه ، فإذا لم يعرف موته قبل نسخه شككنا في الحجة ، والحجة الاجماع المنقرض عليه العصر فإذا شككنا في الرجوع فقد شككنا في الحجة ، وكذلك القول في قول الميت الأول من الصحابة ، فإنا لا نقول : صار كلية الباقين مشكوكا فيها ، هذا تمام الكلام في الركن الأول . الركن الثاني : في نفس الاجماع ونعني به اتفاق فتاوى الأمة في المسألة في لحظة واحدة انقرض عليه العصر أو لم ينقرض ، أفتوا عن اجتهاد أو عن نص ، مهما كانت الفتوى نطقا صريحا ، وتمام النظر في هذا الركن ببيان أن السكوت ليس كالنطق وأن انقراض العصر ليس بشرط ، وأن الاجماع قد ينعقد عن اجتهاد فهذه ثلاث مسائل : - مسألة ( الاجماع السكوتي ) إذا أفتى بعض الصحابة بفتوى وسكت الآخرون لم ينعقد الاجماع ، ولا ينسب إلى ساكت قول ، وقال قوم : إذا انتشر وسكتوا فسكوتهم كالنطق حتى يتم به الاجماع ، وشرط قوم انقراض العصر على السكوت ، وقال قوم : هو حجة وليس بإجماع ، وقال قوم : ليس بحجة ولا إجماع ، ولكنه دليل تجويزهم الاجتهاد في المسألة ، والمختار أنه ليس بإجماع ولا حجة ، ولا هو دليل على تجويز الاجتهاد في المسألة ، إلا إذا دلت قرائن الأحوال على أنهم سكتوا مضمرين الرضا ، وجواز الاخذ به عند السكوت ، والدليل عليه أن فتواه ، إنما تعلم بقوله الصريح الذي لا يتطرق إليه احتمال وتردد ، والسكوت متردد ، فقد يسكت من غير إضمار الرضا لسبعة أسباب : الأول : أن يكون في باطنه مانع من إظهار القول ، ونحن لا نطلع عليه ، وقد تظهر قرائن السخط عليه مع سكوته . الثاني : أن يسكت لأنه يراه قولا سائغا لمن أداه إليه اجتهاده ، وإن لم يكن هو موافقا عليه ، بل كان يعتقد خطأه . الثالث : أن يعتقد أن كل مجتهد مصيب فلا يرى الانكار في المجتهدات أصلا ، ولا يرى الجواب إلا فرض كفاية ، فإذا كفاه من هو مصيب سكت وإن خالف اجتهاده . الرابع : أن يسكت وهو منكر لكن ينتظر فرصة الانكار ، ولا يرى البدار مصلحة لعارض من العوارض ينتظر زواله ثم يموت قبل زوال ذلك العارض أو يشتغل عنه . الخامس : أن يعلم أنه لو أنكر لم يلتفت إليه وناله ذل وهوان كما قال ابن عباس في سكوته عن إنكار العول في حياة عمر كان رجلا مهيبا فهبته . السادس : أن يسكت ، لأنه متوقف في المسألة ، لأنه بعد في مهلة النظر . السابع : أن يسكت لظنه أن غيره قد كفاه الانكار ، وأغناه عن الاظهار ، ثم يكون قد غلط فيه ، فترك الانكار عن توهم ، إذا رأى الانكار فرض كفاية وظن أنه قد كفى ، وهو مخطئ في وهمه ، فإن قيل : لو كان فيه خلاف لظهر ؟ قلنا : لو كان فيه وفاق لظهر ، فإن تصور عارض يمنع من ظهور الوفاق تصور مثله في ظهور الخلاف . وبهذا يبطل قول الجبائي حيث شرط انقراض العصر في السكوت إذ من العوارض المذكورة ما يدوم إلى آخر العصر ، أما من قال هو حجة وإن لم يكن إجماعا فهو
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 151