نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 129
دون الرواية ، وهذه مسألة فقهية ، والأظهر عندنا أنه يشترط في الشهادة دون الرواية ، وهذا لان العدد الذي تثبت به الرواية لا يزيد على نفس الرواية ، فإن قيل : صح من الصحابة قبول رواية الواحد ، ولم يصح قبول تزكية الواحد فيرجع فيه إلى قياس الشرع ؟ قلنا : نحن نعلم مما فعلوه كثيرا مما لم يفعلوه ، إذ نعلم أنهم كما قبلوا حديث الصديق رضي الله عنه ، كانوا يقبلون تعديله لمن روى الحديث ، وكيف يزيد شرط الشئ على أصله ، والاحصان يثبت بقول اثنين ، وإن لم يثبت الزنا إلا بأربعة ، ولم يقس عليه ، وكذلك نقول : تقبل تزكية العبد والمرأة في الرواية ، كما تقبل روايتهما ، وهذه مسائل فقهية ثبتت بالمقاييس الشبيهة فلا معنى للإطناب فيها في الأصول . الفصل الثاني في ذكر سبب الجرح والتعديل قال الشافعي : يجب ذكر سبب الجرح دون التعديل إذ قد يجرح بما لا يراه جارحا لاختلاف المذاهب فيه ، وأما العدالة فليس لها إلا سبب واحد ، وقال قوم : مطلق الجرح يبطل الثقة ، ومطلق التعديل لا يحصل الثقة ، لتسارع الناس إلى البناء على الظاهر ، فلا بد من ذكر سببه ، وقال قوم : لا بد من السبب فيهما جميعا أخذا بمجامع كلام الفريقين وقال القاضي : لا يجب ذكر المسبب فيهما جميعا لأنه إن لم يكن بصيرا بهذا الشأن فلا يصلح للتزكية ، وإن كان بصيرا فأي معنى للسؤال ، والصحيح عندنا أن هذا يختلف باختلاف حال المزكي ، فمن حصلت الثقة ببصيرته وضبطه يكتفى بإطلاقه ، ومن عرفت عدالته في نفسه ولم تعرف بصيرته بشروط العدالة فقد نراجعه إذا فقدنا عالما بصيرا به ، وعند ذلك نستفصله ، أما إذا تعارض الجرح والتعديل قدمنا الجرح ، فإن الجارح أطلع على زيادة ما أطلع عليها المعدل ولا نفاها ، فإن نفاها بطلت عدالة المزكي ، إذ النفي لا يعلم إلا إذا جرحه بقتل إنسان ، فقال المعدل : رأيته حيا بعده ، تعارضا وعدد المعدل إذا زاد ، قيل : إنه يقدم على الجارح ، وهو ضعيف ، لان سبب تقديم الجرح اطلاع الجارح على مزيد ، ولا ينتفي ذلك بكثرة العدد . الفصل الثالث في نفس التزكية وذلك إما بالقول أو بالرواية عنه ، أو بالعمل بخبره أو بالحكم بشهادته ، فهذه أربعة : أعلاها : صريح القول ، وتمامه أن يقول ، هو عدل رضا ، لاني عرفت منه كيت وكيت ، فإن لم يذكر السبب وكان بصيرا بشروط العدالة كفى . الثانية : أن يروي عنه خبرا ، وقد اختلفوا في كونه تعديلا ، والصحيح أنه إن عرف من عادته أو بصريح قوله أنه لا يستجيز الرواية إلا من عدل كانت الرواية تعديلا ، وإلا فلا ، إذ من عادة أكثرهم الرواية من كل من سمعوه ، ولو كلفوا الثناء عليهم سكتوا ، فليس في روايته ما يصرح بالتعديل ، فإن قيل : لو عرفه بالفسق ثم روى عنه كان غاشا في الدين ؟ قلنا : لم نوجب على غيره العمل ، لكن قال : سمعت فلانا ، قال كذا وصدق فيه ، ثم لعله لم يعرفه بالفسق ولا العدالة ، فروى ووكل البحث إلى من أراد القبول . الثالثة : العمل بالخبر إن أمكن حمله على الاحتياط أو على العمل بدليل آخر وافق الخبر ، فليس بتعديل ، وإن عرفنا يقينا أنه عمل بالخبر ، فهو تعديل ، إذ لو عمل بخبر غير العدل لفسق وبطلت عدالته ، فإن قيل : لعله ظن أن مجرد الاسلام مع عدم الفسق عدالة قلنا : هذا يتطرق إلى التعديل بالقول ونحن نقول : العمل
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 129