نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 121
والمعجزة ؟ قلنا : أما أصل الزكاة والصلاة فكان يجب قبوله ، لانهم كانوا ينفذون لشرح وظائف الشرع بعد انتشار أصل الدعوة ، وأما أصل والرسالة والايمان وأعلام النبوة فلا ، إذ كيف يقول رسول الله ( ص ) قد أوجب عليكم تصديقي وهم لم يعرفوا برسالته ، أما بعد التصديق به فيمكن الاصغاء إلى رسله بإيجابه الاصغاء إليهم ، فإن قيل : فإنما يجب قبول خبر الواحد إذا دل قاطع على وجوب العمل به ، كما دل الاجماع والتواتر عندكم ، فأولئك بماذا صدقوا الولاة في قولهم يجب عليكم العمل بقولنا : قلنا : قد كان تواتر إليهم من سيرة رسول الله ( ص ) أنه ينفذ الولاة والرسل آحادا ، كسائر الأكابر والرؤساء ، ولولا علمهم بذلك لجاز للمتشكك ، أن يجادل فيه إذ عرض له شك ، ولكن قل ما يعرض الشك فيه مع القرائن ، فإن الذي يدخل بلادنا مع منشور القضاء قد لا يخالجنا ريب في صدقه وإن لم يتواتر إلينا ، ولكن بقرائن الأحوال والمعرفة لخط الكاتب وببعد جرأته على الكذب مع تعريضه للخطر في أمثال ذلك . الدليل الثالث : إن العامي بالاجماع مأمور باتباع المفتي وتصديقه ، مع أنه ربما يخبر عن ظنه ، فالذي يخبر بالسماع الذي لا يشك فيه أولى بالتصديق ، والكذب والغلط جائزان على المفتي كما على الراوي ، بل الغلط على الراوي أبعد ، لان كل مجتهد وإن كان مصيبا فإنما يكون مصيبا ، إذا لم يقصر في إتمام النظر ، وربما يظن أنه لم يقصر ويكون قد قصر ، وهذا على مذهب من يجوز تقليد مقلد الشافعي رحمه الله إذا نقل مذهبه أوقع لأنه يروي مذهب غيره فكيف لا يروي قول غيره ؟ فإن قيل : هذا قياس لا يفيد إلا الظن ، ولا يجوز إثبات الأصول بالظن والقياس ، والعمل بخبر الواحد أصل ، كيف ولا ينقدح وجه الظن ، فإن المجتهد مما يضطر إليه ولو كلف آحاد العوام درجة الاجتهاد تعذر ذلك ، فهو مضطر إلى تقليد المفتي ؟ قلنا : لا ضرورة في ذلك ، بل ينبغي أن يرجع إلى البراءة الأصلية ، إذ لا طريق له إلى المعرفة ، كما وجب على المفتي بزعمكم إذا بلغه خبر الواحد أن يرد الخبر فيرجع إلى البراءة الأصلية إذا تعذر عليه التواتر ، ثم نقول : ليس هذا قياسا مظنونا ، بل هو مقطوع به بأنه في معناه ، لأنه لو صح العمل بخبر الواحد في الأنكحة لقطعنا به في البياعات ولم يختلف الامر باختلاف المروي وهاهنا لم يختلف إلا المخبر عنه ، فإن المفتي يخبر عن ظن نفسه ، والراوي عن قول غيره ، كما لم يفرق في حق الشاهدين بين أن يخبرا عن أنفسهما أو عن غيرهما إذا شهدا على عدالة غيرهما ، أو يخبرا عن ظن أنفسهما العدالة في غيرهما الدليل الرابع : قوله تعالى : * ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ) * ( التوبة : 221 ) فالطائفة نفر يسير كالثلاثة ، ولا يحصل العلم بقولهم ، وهذا فيه نظر ، لأنه إن كان قاطعا فهو في وجوب الانذار لا في وجوب العمل على المنذر عنه اتحاد المنذر كما يجب على الشاهد الواحد إقامة الشهادة ، لا ليعمل بها وحدها لكن إذا انضم غيرها إليها ، وهذا الاعتراض هو الذي يضعف أيضا التمسك بقوله تعالى : * ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) * ( البقرة : 951 ) وبقوله صلى الله عليه وسلم : نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها الحديث وأمثالهما ، ثم
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 121