نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 118
ضرورة في حقه . والدليل الثاني : إنهم قالوا : صدق الراوي ممكن ، فلو لم نعمل بخبر الواحد لكنا قد تركنا أمر الله تعالى وأمر رسوله ( ص ) فالاحتياط والحزم في العمل وهو باطل من ثلاثة أوجه : أحدها : أن كذبه ممكن ، فربما يكون عملنا بخلاف الواجب . الثاني : أنه كان يجب العمل بخبر الكافر والفاسق ، لان صدقه ممكن . الثالث : هو أن براءة الذمة معلومة بالعقل والنفي الأصلي فلا ترفع بالوهم ، وقد استدل به قوم في نفي خبر الواحد ، وهو وإن كان فاسدا فهو أقوم من قوله إن الصدق إذا كان ممكنا يجب العمل به . مسألة ( هل يتعبد بخبر الواحد ؟ ) الصحيح الذي ذهب إليه الجماهير من سلف الأمة من الصحابة والتابعين والفقهاء والمتكلمين أنه لا يستحيل التعبد بخبر الواحد عقلا ، ولا يجب التعبد به عقلا ، وأن التعبد به واقع سمعا ، وقال جماهير القدرية ومن تابعهم من أهل الظاهر كالقاساني بتحريم العمل به سمعا ، ويدل على بطلان مذهبهم مسلكان قاطعان : أحدهما : إجماع الصحابة على قبول خبر الواحد . والثاني : تواتر الخبر بإنفاذ رسول الله ( ص ) الولاة والرسل إلى البلاد وتكليفه إياهم تصديقهم فيما نقلوه من الشرع ونحن نقرر هذين المسلكين : المسلك الأول : ما تواتر و اشتهر من عمل الصحابة بخبر الواحد في وقائع شتى لا تنحصر ، وإن لم تتواتر آحادها ، فيحصل العلم بمجموعها ، ونحن نشير إلى بعضها : فمنها : ما روي عن عمر رضي الله عنه في وقائع كثيرة ، من ذلك قصة الجنين وقيامه في ذلك يقول : أذكر الله امرءا سمع من رسول الله ( ص ) شيئا في الجنين ، فقام إليه حمل بن مالك بن النابغة وقال : كنت بين جارتين ( يعني ضرتين ) فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميتا ، فقضى فيه رسول الله ( ص ) بغرة عبد أو وليدة ، فقال عمر ، لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا ، أي لم نقض بالغرة أصلا ، وقد انفصل الجنين ميتا للشك في أصل حياته . ومن ذلك أنه كان رضي الله عنه لا يرى توريث المرأة من دية زوجها ، فلما أخبره الضحاك أن رسول الله ( ص ) كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته رجع إلى ذلك . ومن ذلك ما تظاهرت به الاخبار عنه في قصة المجوس أنه قال : ما أدري ما الذي أصنع في أمرهم وقال : أنشد الله امرءا سمع فيهم شيئا إلا رفعه إلينا ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله ( ص ) يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب فأخذ الجزية منهم وأقرهم على دينهم . ومنها : ما ظهر منه ومن عثمان رضي الله عنهما وجماهير الصحابة رضي الله عنهم من الرجوع عن سقوط فرض الغسل من التقاء الختانين بخبر عائشة رضي الله عنها وقولها : فعلت ذلك أنا ورسول الله ( ص ) فاغتسلنا . ومن ذلك ما صح عن عثمان رضي الله عنه أنه قضى في السكنى بخبر فريعة بنت مالك بعد أن أرسل إليها وسألها . ومنها : ما ظهر من علي رضي الله عنه من قبوله خبر الواحد واستظهاره باليمين ، حتى قال في الخبر المشهور : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه ، وإذا حدثني غيره أحلفته ، فإذا حلف صدقته ،
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 118