من الغرض وعدمه ، فكذلك الامر في الحكم بالطهارة والنجاسة لبعض ما لا يكون طاهرا أو قذرا بالحس في نظر العرف ( وثانيها ) إنهما من الأمور الواقعية في كثير مما يكون عند العرف نظيفا أو قذرا ، وعن الأمور التنزيلية الادعائية في بعض الموارد ، فهما حينئذ أمران جعليان بمثل الموت والحياة الجعليين ، لا كالملكية وأمثالها ، ( وثالثها ) إنهما أمران جعليان كالملكية فتحصلان بجعل الشارع وانشائه كان موضوع النجاسة مثلا مما يستقذره الطبع وينفر عنه ، أو لم يكن ، ( ورابعهما ) إنهما من الأمور المترتبة على التكليف المنتزعة عنه مثل سائر العناوين المنتزعة المتأخرة عن الأحكام التكليفية كعناوين البعث والتحريك المنتزعين عن الإرادة المبرزة المقتضية للانبعات والحركة ، وبالجملة فالمقام لا يخلو عن أقوال ثلاثة أو احتمالات أربعة ، فنقول مقدمة إنه لا إشكال في إن النظافة والقذارة من الأمور الحسية ويعبر عنهما بالفارسية ( بتميزي وچركي ) ، ولا إشكال أيضا في إنهما على هذا تكون من الأمور الواقعية فيعبر عن الطهارة بالفارسية ( بباكى ) وعن القذارة ( بچركى ) كما إنه يعبر عن الطهارة بالنقاوة أيضا ، فيقال حينئذ من الأمور الانتزاعية عن التكليف ، لان الطاهر والقذر موضوعان له ، فكيف يعقل تأخر عنوان الموضوع عن حكمه وترتيبه عليه ، ولا من الأمور الاعتبارية الجعلية كالملكية وأمثالها ، فإنه لا تحقق لها في الخارج ولا يمكن إدراكها بالحواس الظاهرية ، مع إن الأمور الإضافية لا وعاء لها إلا الذهن ، ولا يكون لها في الخارج حظ من الوجود ، إلا باعتبار المنشأ ، نعم ربما يدعى ثبوتهما لما ليس طاهرا أو قذرا في نظر العرف لملاك يوجب إلحاق الطاهر ظاهرا بالقذر الواقعي وبالعكس ، ثم لا يخفى إنه ربما يعامل مع الطاهر الحسي معاملة القذر الحسي عند العرف ، فإنهم يستقذرون أيدي المباشرين للكناسة والدلاكة وتغسيل الأموات ، ولو كانت مغسولة بالصابون وسائر المنظفات ألف مرة ، وربما ينعكس الامر عندهم ، فإنهم يعدون أيدي المباشر لاصلاح العنب والشيرج والحلويات وأمثال ذلك طاهرة ونقية مع تلوثها بالكثافات والقذرات الحسية ، وليس هذا منهم إلا بالادعاء وتنزيل غير المحسوس منزلة الحسي ، فللنقاوة ونقيضها عند العرف فردان أحديهما حقيقي حسي ، والاخر تنزيلي ادعائي ، ولا يبعد