شئ لاحد ، وكذا الزوجية والحرية وغيرهما ، فالانشاء والجعل بمنزلة جزء الأخير من العلة التامة لوجودها ، وما لم يوجد لا مصحح لاعتبارها ، وأما الأمور الانتزاعية فهي تابعة لمنشأ انتزاعها قوة وفعلية ، فعند وجوده صح انتزاعها ولو لم يكن هناك إنشاء ومنشئ ، وعند عدمه وانتفائه لا مصحح لانتزاعه ، ولو قيل إني جعلت المنشأ ألف مرة ، بل المدرك ينتزع الصورة الانسانية مثلا من الوجود الخارجي حتى مع قول المولى بأني ما جعلت له هذه أو جعلت نقيضها ، فاتضح أن الأمور الجعلية غير قابلة للتحقق إلا بالانشاء والجعل ، ودائرة مداره حدوثا وبقاء ، وأما الانتزاعيات فلا دخل له فيها لا ثبوتا ولا عدما ، وان الأحكام التكليفية لا تكون جعلية كما اشتهر ووقع عليه التسالم ، فإن الوجوب مثلا لا استناد له إلى الانشاء في مقام الاقتضاء ، فإن المصلحة من لوازم الواجب وذاتياته أما بعنوانه الأولى أو الثانوي ، وأما العلم بهذه المصلحة وكذا سائر مبادئ الإرادة وكذا نفسها وإظهارها بمادة الطلب أو الإرادة أو بهيئة صيغة الامر فليس شئ منها من الجعليات والاعتباريات التي تتفرع على الانشاء ، بداهة إنها أمور تكوينية وموجودات خارجية عينية لا إناطة لها بالانشاء ، نعم تحقق مفهوم الطلب انشائي حاصل بالقصد إليه والى حصوله بالتلفظ بمثل أطلب وأريد ، لكنه ليس متحدا مع الوجوب أو ملازما معه ، فإن الانشاء من الهازل والساهي واللاغي وغير الملتفت ، لا يدعو الملتفت إلى الامتثال ولا يقتضي الجري والتحرك على طبقه ، نعم إبراز الطلب والإرادة الكامنة موضع لحكم العقل بحسن إتيان المراد وجواز العقاب على تركه بعد الابراز ، فيرى العقل إن إبراز المولى للإرادة مقتضى لحصول المراد ويعد المانع من وقوعه منه وهي الشهوة والدواعي النفسانية كالعدم ، فيلحظ المراد واجبا ولازما بالنظر إلى وجود المقتضى المجرد عن المانع ادعاء ، فينتزع الوجوب واللزوم والايجاب والبعث والانبعاث والتحرك ، فهذه أمور انتزاعية عن منشأ واحد وهو إبراز المولى إرادته ، وقد تقدم أن نفس الابراز أمر واقعي لا جعلي اعتباري ، فما أدري بم صح عد الوجوب وكذا سائر الخمسة من التكليفية من الأحكام الشرعية الجعلية مع إنها منتزعه عن منشأ لا استناد له إلى الجعل ، وببيان آخر أن بعض الأمور اختيارية ومقدور للانسان بلا واسطة وسبب غير إرادته كالتكلم