ولكن لم يكن ناظرا إلى أثر يقين جعل تمام الموضوع فلا يشمل دليل التعبد باليقين اليقين الذي كان تمام الموضوع ، لعدم وجود يقين تنزيلي بالنسبة إلى هذا الأثر ، ولو كان بالنسبة إلى الآثار الاخر علم تنزيلي ، فحينئذ إذا جعلت المعرفة غاية للحلية ومفنية للحكم ، إذ الفرق بين الغاية والشرط إن الغاية مفنية للحكم والشرط معط لوجوده ، فتكون المعرفة والعلم حينئذ تمام الموضوع ، فإذا لم يكن دليل التعبد باليقين ناظرا إلى ما أخذ تمام الموضوع فلا يتحقق حينئذ علم تنزيلي بالنسبة إلى هذه الغاية ، لأنه ليس ناظرا إلى تمام الموضوع فلا يتم للاستصحاب حكومة على قاعدتي الحلية والطهارة ، نعم إن قلنا بعموم التنزيل باعتبار جميع الآثار كما في القسم الثالث ، فحينئذ لا بأس بالقول بكون الاستصحاب حاكما على ( كل شئ لك حلال أو طاهرا ) الخ ، إلا إنه قد نبهنا على أن نتيجة هذا الكلام ورود إشكال آخر قد تقدم وهو تجويز جريان الاستصحاب في كل مورد من موارد اليقين السابق والشك اللاحق ، وإن لم يكن لمتعلقه أثر إلا جواز الاخبار عنه ، مثل مورد اليقين ببقاء الجدار والأنهار وغير ذلك ، فإنه لا أثر للمتيقن إلا جواز الاخبار عنه جزما ، ففي هذه المقامات وإن لم يكن مورد الاستصحاب أثرا أو موضوعا للأثر ، إلا إن العلم به له أثر وهو جواز الاخبار ، ونتيجة جواز الاستصحاب في أمثال هذه المقامات هدم القاعدة الكلية وهي إنه لابد أن يكون المستصحب أثرا أو ذا أثر شرعي ، ولابد من ارتكاب أحد المحذورين ، ( أحدهما ) عدم تحقق الغاية لكل شئ لك حلال أو طاهر لعدم تحقق العلم التنزيلي . ( والاخر ) جريان الاستصحاب في تمام موارد اليقين السابق والشك اللاحق ، ونتيجته القول بأن المستصحب لا يلزم أن يكون أثر أو ذا أثر شرعي ، بل يكتفى في الآثار بجواز الاخبار ، وهذا هو الاشكال العويص الذي تفكرنا في دفعه مدة طويلة ولا جواب عنه إلا بادعاء أن اليقين السابق بالقضايا الشرعية منزل على الاطلاق منزلة الباقي ، لا مطلق القضايا وإن لم تكن شرعية ، وإن هذا هو المنصرف إليه من الكلام ، فدعوى الانصراف إليها مما لابد في المقام ، كما في مقام منع حجية الأصل المثبت ، فإن القاعدة على ما ستأتي تقتضي حجية أيضا لولا الانصراف ، وبعد ذلك كله نقول أن من يذهب إلى حكومة الاستصحاب فلابد له من الالتزام بتوجه