العمل وبين الجاهل بها ، والحكم بالصحة في الصورة الأولى ، دون الثانية ، هو تقديم ما يدل على حرمة الاضرار المتحد مع العبادة الضررية ، لأهمية ملاكها ، فالمقام من قبيل تزاحم ملاكي الوجوب والحرمة في شئ واحد ، ومن قبيل اجتماع الأمر والنهي في العبادة ، فيقدم الأهم على غيره ، عند تنجزه ، كما في صورة العلم بضررية العمل وحرمة الاضرار ، فلذا يحكم بالبطلان ، وأما في صورة عدم تنجز الحرمة ، إما للجهل بها ، أو بالضرر ، فلا مزاحم للوجوب ، فيبقى على فعليته ، ويصح إتيان العمل بدعوته ، أو دعوة رجحانه ، كالصلاة في الدار المغصوبة ، فإنها صحيحة عند الجهل بالغصب ، أو حكمه ، حتى على تقدير منع الترتب ، وحينئذ لا يبقى مجال لتطبيق قاعدة لا ضرر على الموارد ، إلا من باب المسامحة ، ثم لا يخفى إن الحكم ببطلان العبادة ، في صورة عدم كون العلم بضررية العمل ، مطابقا للواقع ، مبني على سراية قبح التجري وحرمته إلى العمل المتجري به ، وقد تقرر في محله ، إن المختار قبحه وحرمته ، ويمكن أن يقال بالبطلان في هذه الصورة ، حتى على القول بعدم السراية ، وبكاشفية التجري عن سوء السريرة فقط ، وبكونه مشتملا على القبح الفاعلي لا الفعلي ، بتقريب إن المتجري عند إعمال سوء سريرته ، وإقدامه على ما ليس له عقلا وشرعا ، يخرج من قابليته للتقرب بالعبادة ، نظير الكافر بالنسبة إلى عباداته ، فلذا يبطل عمله ، وإن كان تاما بحسب الاجزاء والشرائط المعتبرة فيه ، فإن قابلية العامل للتقرب بالعبادة ، ليست من شروطها ، كما لا يخفى ، ومن الموارد التي تمسك بقاعدة لا ضرر بعض من السلف ، وكثير من الخلف ، نفيا للحكم الوضعي في المعاملات ، مورد ظهور الغبن ، أو العيب بعد المعاملة ، ومورد تخلف الوصف بالرؤية ، وظهور فساد المبيع ، وتخلف الشرط ، وتبعض الصفقة ، ففي هذه الموارد الستة ، يثبت الخيار ، وربما يتمسك في وجه ثبوته فيها بلا ضرر ، ويعبر عن الخيارات المضافة إلى العناوين المذكورات ، بالخيارات الضررية ، ولا يخفى إن وجه تطبيق لا ضرر على الموارد ، إما لتوهم كون مساواة المثمن مع الثمن ، وكذا خلو المبيع عن العيب ، وكونه على الوصف المرئي ، وسالما غير فاسد ، ومجتمعا غير متبعض ، من قبيل الشرط في ضمن العقد ، فيكون الموجب للخيار في الجميع ، هو تخلف الشرط ، وإن الشرط الضمني موجب لثبوت الحق للمشروط له ، فيكون تفويته بعدم الوفاء به ضررا عليه ، لو لم يكن له فسخ