ويتم ما ذهب إليه جمع كثير ، فحكومته عليها ، دائرة مدار عدم قصور في دلالته على نفي الضرر الأعم ، مما ينتفي بانتفاء المقتضى ، أو لوجود المانع ، وبعد ثبوت العموم وجواز التعدي عن موارد تطبيقه في الاخبار ، يقع الكلام في إنه ناظر إلى الأحكام التكليفية فقط ، أو يعمها مع الوضعية الغير الارفاقية ، أو معها مطلقا ، وإلا فلا مجال لشئ من المذكورات ، هذا كله في مقام التصور وبيان لازم كل من التصورين ، وأما في مقام التصديق ، فنقول على نحو الاجمال ، إنه لا عموم للاضرر ، فلا حكومة له ، وأما تفصيلا ، فسيظهر بعد التكلم في موارد تطبيقات الأصحاب ، فمن جملة موارده التي طبقوه عليها ، هي العبادات الضررية ، كالصوم والوضوء الضرريين ، وغير ذلك من العبادات ، حيث قالوا إن ما كان علة للضرر منها ، يرفع وجوبه بلا ضرر ، فيما إذا لم يكن في رفعه خلاف الامتنان على هذا المكلف ، ولا على غيره ، أي يرفعه مشروطا بعدم استلزام الرفع خلاف الامتنان على أحد ، فإن القاعدة في مقام الامتنان ، فلا يشمل مورد خلاف الارفاق والامتنان ، ولا يخفى إنها لو كانت حاكمة على أدلة الاحكام ، وواردة في مقام الامتنان ، كما هو المتسالم عند كثير من الأصحاب ، لكانت رافعة للالزام عن العبادات الضررية ، لان ما كان علة تامة للضرر ، هو الالزام ، وأما إثبات التحريم ، فهو خلاف الامتنان ، فما كان جامعا بين كونها رافعة لعلة الضرر ، وواردة في مقام الامتنان ، هو رفع الالزام فقط لا نفي الرجحان وإثبات المرجوحية ، نظير حديث الرفع ، فأنه وارد في مقام المنة ، لا يرفع ما كان في رفعة خلاف الامتنان ، كرفع الشرطية مثلا عن المعاملات ، لأنه يستلزم الصحة ووجوب الوفاء بها ، وهو خلاف الامتنان ، وبالجملة فينحصر مورد النفي حينئذ في نفي الالزام ، فإنه على طبق الامتنان يعني إن الصوم الضرري مثلا ، الذي كان واجبا ، يرتفع وجوبه بلا ضرر ، لا أن بلا ضرر يثبت إلزام آخر ، ومن المعلوم إن رفع الالزام ، لا ينافي بقاء الرجحان ، فلا يستلزم رفع الالزام رفع الرجحان والمطلوبية أيضا ، حتى يصير مرجوحا ، أو حراما ، وهذا نظير ابتلاء الضد بالأهم ، حيث إن المهم باق على رجحانه في ظرف المزاحمة وتقديم الأهم ، وبعبارة أخرى لا ضرر يرفع مقدار ، أو مرتبة من المطلوبية ، وهي المرتبة الأكيدة والشديدة التي يعبر عنها بالإرادة الفعلية ، المستلزمة للالزام الفعلي ، وأما سائر مراتبها ، فيبقى على حالها ، وبالجملة