على الاتمام في موضع القصر ، والجهر أو الاخفات في موضع الاخر . إن قلت ظاهر الأدلة صحة العمل ، وتقرير العامل في عمله المتعارف ، كونه عن داعي الامر الفعلي ، مع إن مقتضى مضادته مع المأمور به واقعا ، عدم الامر به . قلنا : يمكن الجواب بعدم كون المأتى به ، مضادا للمأمور به في أصل المصلحة ، بل التضاد إنما هو في الخصوصية الحدية ، التي تكون بينهما على وجه لا يبقى لتحصيل أحدهما مع تحصيل الاخر مجال ، وحينئذ فلا بأس بإتيان المأتى به ، بداعي الامر بالجامع بينهما ، والتعبد به في صورة التقصير ، إنما هي لتفويت المقدار الزايد بالاختيار ، فلا نحتاج حينئذ في تصحيح الامر إلى قاعدة الترتب ، كما لا يخفى ، ثم إن تفصيل القول ، إنه قد يذكر من شروط البراءة عدم استلزامها إيجاب شئ آخر ، أو إضرارا على الغير ، وأورد على الأول ، إنه إذا كانت البراءة موضوعا لا يجاب شئ ، كالبراءة عن الدين الموضوع لوجوب الحج مثلا ، فكيف يعقل تحقق الموضوع ، وعدم تحقق الحكم ، وقد استشكل عليه بأن جميع الموارد ، التي يستلزم البراءة من التكليف تكليفا آخر ، كان من صغريات العلم الاجمالي بأحد التكليفين ، وفى مثله لا وجه لجريان البراءة في رتبة سابقة عن انحلال العلم بأمارة ، أو أصل مثبت ، أو جعل يدل ، والحق أن يقال أن ثبوت التكليف تارة من تبعات نفس البراءة عن التكليف ، وأخرى من تبعات عدمه واقعا ، والأول مثل ما مر من البراءة عن الدين بالنسبة إلى وجوب الحج ، والثاني مثل ما إذا نذر تصدق درهم ، في ظرف عدم تكليفه في يوم كذا مثلا ، أما الأول فلا وجه لتنجز العلم الاجمالي ، لما مر في مبحث العلم الاجمالي ، من إن منجزيته إنما هو فيما إذا أحدث العلم لايجاب الحركة عقلا ، على وفق المحتملين ، وهذا المعنى يستحيل تحققه في المقام ، لان منجزية العلم للدين ، يستلزم القطع بعدم الحج ، وكذا العكس ، فمنجزية العلم لكل واحد من الطرفين ، مستلزم لعدمها ، فلا مفر حينئذ إلا إلى البراءة ، وأما في المثال الثاني فهو وإن لم يكن من قبيل الأول ، لان منجزية العلم في أحد الطرفين ، غير مناف لبقاء العلم الاجمالي وتأثيره ، إلا أنه لا ينافي إجراء الأصل ، لنفي التكليف بلحاظ خصوص الامر الوجودي ، من إثبات وجوب الطرف الآخر ، فهو تبعيض في مجرى الأصل ، بلحاظ أثر دون أثر ، نظير الاستصحاب الجاري في الخارج عن مورد الابتلاء بلحاظ أثره ،