التخلية فيه عن الوجود الذهني عين التحلية به . ثالثا : أنا إذ نقول : إن المتعلق للتكليف هو العنوان بما هو مرآة عن المعنون وفان فيه ، لا نعني : أن المتعلق الحقيقي للتكليف هو المعنون وأن التكليف يسري من العنوان إلى المعنون باعتبار فنائه فيه - كما قيل ( 1 ) - فإن ذلك باطل بالضرورة أيضا ، لما تقدم أن المعنون يستحيل أن يكون متعلقا للتكليف بأي حال من الأحوال ، وهو محال حتى لو كان بتوسط العنوان ، فإن توسط العنوان لا يخرجه عن استحالة تعلق التكليف به . بل نعني ونقول : إن الصحيح أن متعلق التكليف هو العنوان بما هو مرآة وفان في المعنون على أن يكون فناؤه في المعنون هو المصحح لتعلق التكليف به فقط ، إذ أن الغرض إنما يقوم بالمعنون المفنى فيه ، لا أن الفناء يجعل التكليف ساريا إلى المعنون ومتعلقا به . وفرق كبير بين ما هو مصحح لتعلق التكليف بشئ وبين ما هو بنفسه متعلق التكليف . وعدم التفرقة بينهما هو الذي أوهم القائلين بأن التكليف يسري إلى المعنون باعتبار فناء العنوان فيه . ولا يزال هذا الخلط بين ما هو بالذات وما هو بالعرض مثار كثير من الاشتباهات التي تقع في علمي الأصول والفلسفة . والفناء والآلية في الملاحظة هو الذي يوقع الاشتباه والخلط ، فيعطي ما للعنوان للمعنون وبالعكس . وإذا عسر عليك تفهم ما نرمي إليه فاعتبر ذلك في مثال " الحرف " حينما نحكم عليه بأنه لا يخبر عنه ، فإن عنوان " الحرف " ومفهومه اسم يخبر عنه ، كيف ! وقد أخبر عنه بأنه لا يخبر عنه ، ولكن إنما صح الإخبار عنه بذلك فباعتبار فنائه في المعنون ، لأنه هو الذي له هذه الخاصية ويقوم به الغرض من الحكم ، ومع ذلك لا يجعل ذلك كون المعنون - وهو الحرف