ومن النبوءات الغيبية المرتبطة
بهذا إخباره بمقتل عمار شهيدا تقتله الفئة الباغية، فعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق([327]).
وعن حنظلة بن خويلد العنزي قال: بينا أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان
يختصمان في رأس عمار، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب
به أحدكما لصاحبه نفسا، فإني سمعت النبي (ص) يقول: تقتله الفئة الباغية، فقال معاوية: ألا نح عنا مجنونك يا
عمرو، فما بالك معنا، قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله (ص) فقال: أطع أباك ما دام حيا
ولا تعصه، فأنا معكم ولست أقاتل([328]).
بل إن النبي (ص) أخبر عمارا عن آخر طعام
يتناوله، فعن أبي البختري، أن عمار بن ياسر أتي بشربة لبن فضحك، وقال: إن رسول
الله (ص) قال
لي: آخر شراب أشربه لبن حين أموت([329]).
وقد حصل ما أخبر عنه النبي (ص) فقد كان عمارا في جيش علي يوم
صفين، وقتله معاوية وجيشه من أهل الشام الذين خرجوا بغاة على الإمام علي.
ومن النبوءات الغيبية المرتبطة
بهذا إخباره (ص) أبا ذر الغفاري بالبلاء الذين ينتظره، فعن إبراهيم بن الأشتر، أن لما حضره الموت،
وهو بالربذة فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: أبكي أنه لا يد لي بنفسك، وليس
عندي ثوب يسع لك كفناً، قال: لا تبكي، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين)،
قال: فكل من كان مع في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري، وقد
أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول، فإني والله ما كَذبت
ولا كُذبت، قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج، قال: راقبي الطريق، قال: فبينا هي
كذلك إذا هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها
فقالوا: ما لك؟ فقالت: امرؤ من المسلمين تكفنوه وتؤجرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت:
أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم في محورها يبتدرونه، فقال: أبشروا،
فأنتم النفر الذي قال رسول الله (ص) فيكم ما قال، ثم أصبحت اليوم
حيث ترون، ولو أن