من النخل، في دقعاء من التراب،
فنمنا، فوالله ما أهبَّنا إلا رسول الله يحرِّكنا برجله، وقد تترّبنا من تلك الدَّقعاء، فيومئذ قال رسول
الله
لعليٍّ: (يا أبا تراب) لما يرى عليه من التراب، قال: (ألا أحدثكما بأشقى الناس
رجلين؟) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: (أحيمرُ ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك
يا علي على هذه ـ يعني: قرنه ـ حتى تُبلَّ منه هذه ـ يعني: لحيته ـ)([316])
ومن النبوءات الغيبية المرتبطة
بهذا إخباره (ص) عائشة بأنها ستقع في فتنة خروجها في معركة الجمل، فعن أبي رافع، أن رسول
الله (ص) قال لعلي بن أبي طالب : (إنه
سيكون بينك وبين عائشة أمرٌ)، قال: أنا يا رسول الله؟ قال: نعم قال: أنا؟ قال نعم
قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا ولكن إذا كان ذلك، فارددها إلى مأمنها([317]).
بل إنه (ص) ذكر العلامة التي ستكون عند ظهور هذا الخلاف، كما أشار إلى الظرف
الذي ستكون عليه الأحوال، فعن عائشة أنها لما أتت على الحوأب، وسمعت نباح الكلاب،
قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول لنا: (أيتكن تبنح عليها كلاب الحوأب([318])([319])
وأخبر (ص) عما يحصل في تلك المعركة، فعن ابن عباس، عن النبي (ص) أنه قال لنسائه: (ليت شعري
أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فينبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها وعن يسارها
قتلى كثير، ثم تنجو بعدما كادت)([320])
وقد حصل ما أخبر عنه رسول الله (ص)، فعن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة فنزلت بعض مياه بني عامر
نبحت عليها الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: الحَوأب، قالت ما أظنني إلا راجعة،
فقال لها بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون، فيصلح الله ذات بينهم، فقالت:
إن النبي (ص) قال
لنا ذات يوم: كيف بإحداكن
[316] رواه أحمد
والنسائي في فضائل علي والبخاري في تاريخه والبزار والطحاوي وابن أبي عاصم وأبو
نعيم والدولابي، وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الهيثمي: رجاله موثقون، فالحديث
بمجموع طرقه صحيح.
[317] رواه أحمد
الطحاوي والبزاري والطبراني، ورجاله ثقات، كما قال الحافظ الهيثمي، وحسنه الحافظ
ابن حجر.