فالقرآن لم يبتدع ألفاظا لا يعرفها أحد من الناس، وإنما استعمل
ما يعرفه الناس ليعبر عن المعاني التي يريد.
وفي هذا يدخل ما ذكرته
من الكلمات التي تصورت غرابتها ككلمة (غسلين) التي تعني الصديد، أى صديد أهل
النار، وما يسيل من أجسادهم من أثر الحريق، ولما كان يسيل من كل أجسامهم شبه
بالماء الذى يُغسَل به الأدران.
فهذه الكلمة تدل على
معنى غير موجود في لغة العرب.. ولكن القرآن استخدم اللفظ القريب المؤدي للمعنى.
بل قد قد يستعمل القرآن
أحيانا ألفاظا أعجمية عربتها العرب وجعلتها على موازينها..وذلك مثل إستبرق، وسندس،
واليم، فهذه الألفاظ كانت مأنوسة الاستعمال عند العرب حتى قبل نزول القرآن، بل
كانت شائعة شيوعاً ظاهراً فى محادثاتهم اليومية.
وهى مفردات وليست
تراكيب، بل هي أسماء مفردة لأشخاص أو أماكن أو معادن أو آلات.
ثم إنها وإن لم تكن
عربية الأصل، فهى ـ بالإجماع ـ عربية الاستعمال. ومعانيها كانت ـ وما تزال ـ
معروفة فى القرآن، وفى الاستعمال العام.
وهذه الظاهرة ليست خاصة
بالعربية.. فاستعارة اللغات من بعضها من سنن المجتمعات البشرية، وهي دليل على
حيوية اللغة.
بل نجد هذه الظاهرة
فاشية فى العصر الحديث، ويسميها اللغويون بـ (التقارض) بين اللغات.. تستوي في ذلك
اللغات جميعا.. سامية أو غيرها كالإنجليزية والألمانية والفرنسية وفى اللغة
الأسبانية