واسمع هذه الآية التي تصف سوق المؤمنين إلى
الجنة:{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى
الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ
لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)
(الزمر:73)
لقد ذكر الفتح في كلا الموضعين.. لكنه بفارق
حرف واحد، فقد دخلت (الواو) (وفتحت)عند ذكر أصحاب الجنة، ولم تدخل (فتحت) عند ذكر
أصحاب النار.
أتدري ما سر ذلك؟
قلت: ما سر ذلك.. أليس هي مجرد زيادة؟
قال: تستحيل الزيادة في القرآن.. كل حرف له
دلالته الخاصة، وعمله الخاص.
أما هنا، فقد عملت (الواو) عملا بالغ الضرورة،
إذ أن أصحاب النار قد سيقوا إلى جهنم، وهي بعد لم تفتح، حتى إذا وقفوا على أبوابها
فتحت عن جملة عذابها، فكان هذا عذابا ضعفا عليهم.
أما أصحاب الجنة فقد سيقوا إلى الجنة وأبوابها
قد فتحت لهم قبل مجيئهم أي أن تقدير الآية:( حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها )،
وهذا من زيادة الترحيب بأهل الجنة وتعجيل البشارة لهم.
سكت قليلا، ثم قال: وهكذا فإن القرآن معجز من حيث اختيار الكلمات
التي يعبر بها عن أغراضه، وقد سمعت كثيرا من المختصين في العلوم المختلفة يبينون
دقة القرآن في استعمال كلماته: