سكت قليلا، ثم قال: أتدري لم قال القرآن:{ وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً )(مريم: 4)..
أتدري ما الحكمة من لفظ (اشتعل ) في الآية؟
قلت: ما الحكمة من ذلك؟
قال: الاشتعال هو عملية تحول المادة المشتعلة
من حالة إلى حالة أخرى مع استحالة رجوعها للحالة الأولى أي حالة ما قبل الاشتعال..
وهذا التصور والوصف ينطبق على سواد الشعر وبياضه، أي أن البياض يستحيل أن يتحول
إلى سواد.
سكت قليلا، ثم قال: أتدري لم أضاف القرآن
الإنارة إلى السراج مع أن السراح لا يكون إلا منيرا في قوله:{ وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ
وَسِرَاجاً مُنِيراً) (الأحزاب:46)؟
قلت: لا أدري.. وأنا أتعجب من ذلك، وأتصوره
إطنابا لا مبرر له.
قال: ليس في القرآن إطناب.. كل ما في القرآن له
دلالته الخاصة..
أنت تعلم أن الضوء هو امتزاج الحرارة بالنور
كما جاء في القرآن عن الشمس:{ هُوَ
الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً)(يونس: 5)، والنور هو تجريد الضوء من الحرارة
كما جاء في القرآن عن القمر:{
وَالْقَمَرَ نُوراً )(يونس: 5)، والحرارة سلب والنور إيجاب لذلك جاء تعالى بلفظ
(منيرا ) لاشتمال مضيئاً على جانب سلبي، وهو النار، وهو لا يليق بوصف يمدح به
محمد.
سكت قليلا، ثم قال: حرف واحد قد يؤثر في المعنى
تأثيرا عظيما.. اسمع هذه الآية التي تصف سوق الكفار إلى جهنم:{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ
زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ