واثنان منها قوة: وهي كونه صبيا نشيطا مندفعا، وكونه شيخا
عجوزا هرما.
لقد عبر القرآن عن كل
هذه المعاني بأدق الألفاظ وأرقها وأوجزها.
سكت قليلا، ثم قال:
القرآن لا يختار الكلمات فقط.. بل يختار وجوه بنائها ليضعها في المواضع المناسبة
لها.
سأذكر لك مثالا مقربا
لذلك.
أنت تعلم الفرق بين صيغ
المبالغة.. لاشك في ذلك؟
قلت: ما الذي تريد منها؟
قال: أخبرني عن الفرق
بين صيغة مبالغة على وزن (فعّال)، وصيغة المبالغة على وزن (فعلة)
قلت: صيغة مبالغة على
وزن (فعّال) ـ كما يقول أهل اللغة ـ تدل على الحِرفة والصنعة، فيقال لمحترف
النجارة نجّار، ولمحترف الحِدادة حدّاد، وتشتهر عندهم أسماء المهن على هذا الوزن
كالفتال والزراد والخراط والصفار والنحاس والبزاز. فكلمة (كذاب) عندما تطلق على
أحد فإنها تدل على أن الكذب صار حرفته التي يحترفها كما أن حرفة ذاك هي النجارة أو
الحدادة. وهذه الصيغة تقتضي المزاولة، لأن صاحب الصنعة يداوم على صنعته.
قال: ووزن (فعلة)؟
قلت: له دلالتان: ما
أصله غير مبالغة، ثم بولغ بالتاء، كالراوي، فنقول عند المبالغة (راوية).. والثاني
ما أصله صيغة مبالغة، ثم تأتي التاء لتأكيد المبالغة وزيادتها، مثل: (هُمزة)
فأصلها (هُمَز) وهي من صيغ المبالغة مثل (حُطَم ـ لُكَع ـ غُدَر ـ فُسق)، فنأتي
بالتاء لزيادة المبالغة.