وهكذا بددت النظرة
القرآنية كل الأوهام التي سربتها الغفلة، وأصبح ما كان يتصور داء عين الدواء، يقول
النورسي:( وهكذا اصبحت هذه الاحوال دواء لدائي، ومرهماً له، حيث قد بدت واضحة جلية
فأقنعتني قناعة تامة )
قلت: وهل عاش هذا الرجل
سعيدا؟
قال: أجل.. بل أعظم
سعيد.. مع أنه أمضى أكثر حياته منفيا مسجونا يدس له السم كل مرة.. وفوق ذلك يبعد
عنه كل قريب.. بل يحرم كل أسباب الحياة.
***
قرأ جميع هذا الكلام..
وسكت.. وغابت عيناه في الأفق البعيد.. ثم راح يقول بينه وبين نفسه: لماذا لم يظهر
في قومنا من يذكر مثل هذا؟
ثم راح يرسل ضحكات
غريبة، وهو يقول: يا ترى ماذا عساه سيقول هذا المسكين الذي كتب له أن يعيش في ظل
تناقضات الكتاب المقدس.
سكت قليلا، ثم قال: إن
الكتاب المقدس يبحث عمن يرفع تناقضه وقصوره.. فكيف يكون إجابة الله الشافية
لحاجيات عباده التي لا تنتهي؟
احتبست دموع في عيوني
منعتني من الكلام.. بقيت واجما لحظة، ثم انصرفت.. وأنا مملوء حيرة..
عندما عدت آخر المساء
إلى البيت، مددت يدي إلى محفظتي، فامتدت إلى الورقة التي سلمها لي