فالقرآن الذي هو قبس الإيمان ( مزق تلك الصورة الرهيبة للماضي
وهي كالـمقبرة الكبرى، وحوّلـها الى مـجلس منوّر أنوس والى ملتقى الاحباب، وأظهر
ذلك بعين اليقين وحق اليقين )
أما المستقبل الذي كان
يمثل قبرا واسعا كبيرا، فإنه استحال بالنظرة القرآنية ( مـجلس ضيافة رحـمانية
أعدّت في قصور السعادة الـخالدة )
أما تابوت الزمن الحاضر،
فقد صوره القرآن الكريم ( متجرا أخرويا، ودار ضيافة رائعة للرحـمن )
أما الثمرة الوحيدة التي
هي فوق شـجرة العمر على شكل نعش وجنازة، فإنها بالقرآن لم تبق كذلك، ( وانـما هي
انطلاق لروحي - التي هي أهل للـحياة الابدية ومرشحة للسعادة الابدية - من وكرها
القديـم إلى حيث آفاق النـجوم للسياحة والارتياد )
حتى تلك الصور المريعة
التي كانت الغفلة تصور بها ( عظامي ورميمها وتراب بداية خلقتي ) لم تبق ( عظاماً
حقيرة فانية تداس تـحت الاقدام، وإنما ذلك التراب باب للرحـمة، وستار لسرادق
الـجنة )
أما أحوال الدنيا
واوضاعها الـمنهارة في ظلمات العدم التي نبصرها بنظر الغفلة، فإنها لم تبق كذلك
بنور القرآن الكريم ( بل انها نوع من رسائل ربانية ومكاتيب صمدانية، وصحائف نقوش
للاسـماء السبحانية قد أتّمت مهامها، وأفادت معانيها، واخلفت عنها نتائجها في
الوجود، فأعلمني الإيـمان بذلك ماهية الدنيا علم اليقين )
أما القبر، فلم يبق
قبرا، بل هو بنظر القرآن الكريم ( باب لعالـم النور ) ومثله ذلك الطريق الـمؤدي
الى الابد، فإن لم يبق ( طريقاً مـمتداً ومنتهياً بالظلمات والعدم، بل انه سبيل
سوي الى عالـم