العقل بوجوب الامتثال فهذا لا إشكال في حجيته عند الجميع . ثم إن الشيخ النوري - رحمه الله تعالى - قد افتتح هذه الفائدة بإنكار هذه النسبة إلى الأخباريين ، مصرحا بأن ما يظهر من كلماتهم هو على خلاف ما نسب إليهم من إنكار حجية القطع الحاصل من العقل . ثم بين أصل اشتهار هذه النسبة إليهم ، وهو كلام الشيخ الأنصاري - قدس سره الشريف - في رسالته : ( حجية القطع ) . حيث نقل عنه ما حكاه عن المحدث الاسترآبادي - رحمه الله تعالى - من تقسيمه العلوم إلى ما ينتهي إلى مادة قريبة من الإحساس ، وإلى أخرى بعيدة عنه مع وقوع الاختلاف في الثاني دون الأول على تفصيل بين في محله . وقد استفاد الشيخ الأعظم - طاب ثراه - من كلام الاسترآبادي - رحمه الله تعالى - عدم حجية إدراكات العقل - عنده - في غير المحسوسات ، مبينا من استحسن كلام الاسترآبادي من الأخباريين المتأخرين عنه كالمحدث الجزائري والبحراني - رحمهما الله تعالى - حيث ذهب الأول إلى القول بحكم العقل في البديهيات ، أما في النظريات فان وافقه النقل وحكم بحكمه فهما متفقان ، وان تعارضا قدم النقل عليه . أما الثاني فقد استحسن هذا الكلام وأيده . ويرى المحدث النوري ان ما استفاده أستاذه الشيخ الأنصاري من كلام الاسترآبادي غير تام ، وان الاسترآبادي لم يقصد حصر المعرفة البشرية بأدوات الحس والتجربة : بل غرضه حصر المعرفة بالدليل الشرعي النقلي والغاء الدليل العقلي النظري في مجال استكشاف الحكم الشرعي ، وانه ليس في كلامه إشارة أو تصريح إلى عدم حجية حكم العقل القطعي . بل الظاهر . منه نفي حجية الادراك الظني والاستنباطات الظنية في نفس الأحكام الشرعية .