نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 395
الكمأة ، ومفعاة ، ومحواة للأرض الكثيرة الأفاعي والحيات ، ونظائر ذلك كثيرة ، فجعل عليه الصلاة والسلام هذه الكلمات لقائلهن بمنزلة السلاح الكثير الذي يدفع عنه المخاوف ، ويرد الأيدي البواطش . ( والاستعارة الأخرى ) قوله عليه الصلاة والسلام : ما لم يعمل يومئذ عملا يقهرهن ، والمراد ما لم يعمل من الأعمال السيئة في يومه ما يغلب إثمه أجر هذه الكلمات إذا قالها على الوجه المحدود فيها . وينبغي أن يكون المراد بذلك الذنوب الصغائر دون الذنوب الكبائر ، لان عقاب الكبيرة يعظم فيكون كالقاهر لتلك الحسنات التي ذكرها ، والدرجات التي أشار إليها ، ولما أقام عليه الصلاة والسلام تلك الكلمات مقام السلاح لقائلها ، جعل ما في مقابلتها من إثم مولغ [1] ، وذنب موبق ، بمنزلة القاهر لها والثالم [2] فيها ، ملامحة [3] بين صفات الألفاظ ومزاوجة بين فرائد الكلام ، وهذا موضع المجاز الثاني الذي أفضنا في ذكره ، وكشفنا عن سره [4] .
[1] المولغ : أي موقع ومدله في النار ، ومن ذلك ولغ الكلب في الاناء : أدخل لسانه فيه . [2] الثالم : الكاسر ، أو المؤثر تأثيرا ينقص منها . [3] ملامحة : مشابهة ومشاكلة ، لان الملامح : المشابه . [4] ما في الحديث من البلاغة : في الحديث تشبيه بليغ ، ومجاز مرسل واستعارة تبعية ، الأول في قوله كن له مسلحة ، فشبه الكلمات بالمسلحة وهي مكان السلاح ، بجامع أن فيها ما يرد عوادي الشيطان ، وحذف وجه الشبه والأداة ، والأصل كن له كالمسلحة في رد عدوان الشيطان ، والمجاز المرسل في قوله مسلحة ، والمراد كن له سلاحا فعبر عن السلاح بمكانه وهو مجاز مرسل علاقته الظرفية ، والتبعية في قوله يقهرهن ، حيث شبه إذهاب فائدتهن بعمل الذنب بالقهر بجامع إذهاب الأثر والفائدة في كل ، واشتق من القهر بمعنى إذهاب الفائدة والأثر ، يقهر بمعنى يذهب الأثر ، على طريق الاستعارة التبعية .
نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 395