نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 190
فجعل الصلاة أيضا تتضمن معنى الجهاد . فأما ما روى في الخبر من أنه عليه الصلاة والسلام قال حاكيا عن الله تعالى : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به " . فليس ما فيه من تفضيل الصوم بدال على أن غيره من العبادات ليس بأفضل منه ، وإنما وجه اختصاصه بالذكر من بين العبادات على التعظيم له لأجل ما قدمنا ذكره من أنه يفعل إلا على محض الاخلاص ، ولا يتأتى في حقيقته شئ من الرياء والنفاق ، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " ليس في الصوم رياء " ، وهذا بيان للمعنى الذي تكلمنا عليه . وحكى عن سفيان بن عيينة في تفسير هذا الخبر أنه قال : الصوم هو الصبر ، لان الانسان يصبر عن المطعم والمشرب والمنكح ، وقد قال تعالى : " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " . يقول : فثواب الصوم ليس له حساب يعلم من كثرته على قدر كلفته ومشقته . والاستعارة الأخرى قوله عليه الصلاة والسلام : " والصدقة تطفئ الخطيئة " ، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام جعل الخطيئة بمنزله النار من حيث كانت مفضية إلى عذاب النار ، وجعل الصدقة مطفئة لها ، إذا كثرت فأثرت في سقوط عقابها . وهذا القول يصح على طريقة من يقول بالموازنة [1] ، فإذا كان عقاب الخطيئة مائة
[1] القول بالموازنة رأى لبعض المعتزلة ، ومعناه : أن السيئة توازن الحسنة فتسقط السيئة بالحسنة ، أي يسقط عقاب هذه بثواب تلك ، ولكن الرأي الراجح أن الحسنات يذهبن السيئات لا على طريق الموازنة ، بل قد تسقط حسنة واحدة سيئات كثيرة ، وقد لا تعدل حسنات كثيرة سيئة واحدة ، وإنما تقدر الحسنة بما فيها من عموم الخير وتقدر السيئة بما فيها من فظاعة الشر .
نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 190