نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 98
ملأى سحاء ، لا يغيضها الليل والنهار " وهذه استعارة ، لان المراد باليمين هاهنا نعمة الله ، ووصفها بالامتلاء لكثرة منافعها وعموم مراقدها ، فجعلها كالعين الثرة [1] التي لا يغيضها [2] الموائح ، ولا تنقصها النوازح [3] . والسح : شدة المطر ، يقال : سحت السماء سحا إذا جادت جودا ، وخص اليمين لأنها في الأكثر مظنة العطاء ومواصلة الحباء [4] ، على طريق المجاز والاتساع . وقد شرحنا هذا المعنى في عدة مواضع من كتبنا المشتملة على علوم القرآن [5] . 66 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : " ابنوا المساجد واتخذوها جما " ، وهذه استعارة لان المراد ابنوها ولا تتخذوا لها شرفا فشبهها عليه الصلاة والسلام بالكباش الجم ، وهي التي قرونها
[1] الترة : كثرة الماء . [2] يقال غاض الماء يغيضه وأغاضه يغيضه : إذا نقصه . والمعنى لا ينقص ماءها ، والموائح جمع مائحة : وهي الآلات التي تخرج الماء من العيون والآبار . [3] النوازح جمع نازحة : هي مثل الموائح . [4] الحباء : العطاء . [5] ما في الحديث من البلاغة : في الحديث كناية عن غنى الله وكرمه . لأنه إذا كانت يمينه مليئة بالخير ، تسح سحا به ، ولا ينقصها هذا السح ما تعاقب الليل والنهار ، فلا شك أنه غنى كريم ، واستعمال اليمين لا مانع أن يكون على الحقيقة ، فيكون لله تعالى يمينا لا نعرف كنهها ، كما قال تعالى : " يد الله فوق أيديهم " فله يد وليست كأيدي الحوادث ، وهذا أولى من جعل اليمين بمعنى النعمة ، فإن تشبيه النعمة باليمين غير ظاهر ، وحمل الحديث على الكناية يناسبه قول الشريف بعد ذلك ، " وخص اليمين لأنها في الأكثر مظنة العطاء " فمراده يد الله مطلقا ، وخصت اليمين لأنها التي يعطى بها ، ويجوز أن يكون في الحديث مجاز مرسل علاقته السببية فأطلق اليمين وأراد العطاء لان اليد سببه .
نام کتاب : المجازات النبوية نویسنده : الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 98