نام کتاب : التوحيد نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 324
العرش عما يصفون ) يقول رب المثل الأعلى عما به مثلوه [1] ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شئ ولا يوصف ولا يتوهم ، فذلك المثل الأعلى ، ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به [2] فلذلك قال : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها في الكتاب فقال : ( فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) [3] جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنه يحسن ، فلذلك قال : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) [4] فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها ، يا حنان إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فكان الدليل على الله بأذن الله عز وجل حتى مضى دليلا هاديا فقام من بعده وصيه عليه السلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ، ثم الأئمة الراشدون عليهم السلام . 51 - باب أن العرش خلق أرباعا [5] 1 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله ، قال : حدثنا محمد بن
[1] كلمة ( عن ) في كلامه عليه السلام متعلقة بسبحان في الآية ، أو بالأعلى في كلامه . [2] ( ما ) هذه مصدرية ، أي وشبهوه بالمتشابه منهم في حال جهلهم به . [3] الأعراف : 180 . [4] يوسف : 106 . [5] إعلم أن العرش في اللغة يأتي بمعنى سرير السلطنة ، ومنه قوله تعالى : ( أيكم يأتيني بعرشها ) وبمعنى السقف وأعالي البناء ، ومنه قوله تعالى : ( وهي خاوية على عروشها ) ويأتي مصدرا بمعان ، ويستعمل مجازا واستعارة لمعان ، كل ذلك مذكور في مظانه ، وأما تفسيراته في العلوم فعند أهل الحكمة والهيئة يطلق على الفلك التاسع فكونه أرباعا على هذا إنما هو لفرض دائرتين متقاطعتين على ما فصل في كتب الهيئة ، أو لكونه مركبا من العقل والنفس والمادة والصورة على ما ذكر في بعض الكتب ، وفسر في بعض الأخبار كالحديث الأول من الباب التاسع والأربعين بعلمه تعالى ، لا علمه الذاتي الذي هو عين ذاته ، بل العلم الذي أعطى أول من خلق وحمل عليه ، وعلى هذا فكونه أرباعا باعتبار أصول العلم كله وأركانه التي هي أربع كلمات من كلمات التوحيد ، كما أشير إلى هذا في حديث رواه العلامة المجلسي - رحمه الله - في الرابع عشر من البحار عن الفقيه والعلل والمجالس عن الصادق عليه السلام ( أنه سئل لم سمي الكعبة كعبة ؟ قال لأنها مربعة ، فقيل له : لم صارت مربعة ؟ قال لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع ، فقيل له : ولم صار البيت المعمور مربعا ؟ قال : لأنه بحذاء العرش وهو مربع ، فقيل له : ولم صار العرش مربعا ؟ قال : لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . وحقيقة هذا العلم نور ينور به ما دون العرش من الموجودات كما أشير في حديث الباب وفيما رواه الكليني - رحمه الله - في باب العرش والكرسي من الكافي في حديث الجاثليق عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( إن العرش خلقه الله من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرت الحمرة ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أبيض البياض ، وهو العلم الذي حمله الله الحملة ، وذلك نور من عظمته ، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، و بعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة ، فكل محمول ، يحمله بنوره وعظمته وقدرته ، لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، فكل شئ محمول ، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شئ ، وهو حياة كل شئ ونور كل شئ ، ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبير ) . وأما العرش بمعنى الملك وجميع الخلق والقدرة والدين وبعض الصفات كعرش الوحدانية على ما ورد كل ذلك في الأخبار فتصور تربعه بعيد ، والعلم عند الله وعند صفوته .
نام کتاب : التوحيد نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 324