فيرحم الله أم المؤمنين لقد كانت تبدل [ إيحاشا بإيناس ] [1] تحرك القوم إلى البصرة قال : فكان قصدهم الشام ، فصادفهم في أثناء الطريق عبد الله بن عامر عامل عثمان على البصرة قد صرفه أمير المؤمنين بحارثة بن قدامة السعدي وأخذ البيعة من أهلها ، فقال لهم عبد الله بن عامر : اعلموا أني أمس منكم خبرا بمعاوية ، إنه لا ينقاد إليكم ولا يعطيكم ما هو ضامر عليه في نفسه ، فمشورتي عليكم أن تنتحوا عنه ، وعليكم بحفظ البصرة فإنها كثيرة الضياع والعدة ، وجهزهم بألف ألف درهم [2] ومائة من الإبل وغير ذلك . وأما يعلى بن منية أعطاهما أربعمائة ألف درهم [3] ، وكراعا وسلاحا ، والجمل المسمى ب ( عسكر ) الذي ركبته قد اشتراه بمائتي دينار ، فكان عسكرها ثلاثين ألفا ، وعسكر أمير المؤمنين علي عليه السلام عشرين ألفا . فلما انتهى بهم المسير إلى الموضع المعروف بالحوأب [4] أحد
[1] في النسخة : الحاسا بالناس ، وصوابه كما ورد في الاختصاص . [2] في الأصل : ألف درهم ، والصواب كما في مروج الذهب م 2 : 366 . [3] في الأصل : أربعمائة ألف دينار ، وصوابه كما ذكره المسعودي . [4] الحوأب : بالفتح ثم السكون ، وهمزة مفتوحة ، وياء موحدة ، وأصله في اللغة ، يقال : حافر حوأب ، وأب صعب ، والحوأبة : العلبة الضخمة ، والحوأب : الوادي الوسيع ، والحوأب : موضع معروف في طريق البصرة : قال أبو زياد : ومن مياه أبي بكر بن كلاب الحوأب ، وهو من المياه الأعداد وقديم جاهلي . وقيل سمي الحوأب بالحوأب بنت كلب بن وبرة وهي أم تميم وبكر . قال ياقوت الحموي : إن عائشة لما رأت المضي إلى البصرة في وقعة الجمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب ، فقالت : ما هذا الموضع ؟ قيل لها : هذه موضع يقال له الحوأب ، فقالت : إنا لله ما أراني إلا صاحبة القصة . قيل لها : وأي قصة ؟ قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه : ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب سائرة في كتيبة إلى الشرق ! وهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنه ليس بالحوأب . انظر : معجم البلدان 2 : 314 .