نام کتاب : مواقف الشيعة نویسنده : الأحمدي الميانجي جلد : 1 صفحه : 26
من الصبر ما ليس عندهم ، ومن الشجاعة ما ليس في طبايعهم حتى يمتحنوا الأمر وينظروا في عواقبه ، فإن استجاب المتأخرون عنهم ونصرهم الخاذلون لهم ، وكلوا الحرب إليهم وعقلوا الكلفة بهم ، وإن أقاموا على الخذلان واتفقوا على ترك النصرة لهم والعدول عن معونتهم أظهروا من الرأي خلاف ما سلف ، وقالوا : قد كانت الحال موجبة للقتال وكان عزمنا على ذلك تاما ، فلما رأينا أشياعنا وعامة أتباعنا يكرهون ذلك أوجبت الضرورة إعفاءهم عما يكرهون والتدبير لهم بما يؤثرون ، وهذا أمر قد جرت به عادات الرؤساء في كل زمان ولم يكن تنقلهم من رأي إلى رأي مسقطا لأقدارهم عند الأنام . فلا ينكر أن يكون أبو بكر إنما أظهر التصميم على الحرب لحث القوم على موافقته في ذلك ، ولم يبد لهم جزعه لئلا يزيد ذلك في فشلهم ويقوى به رأيهم ، واعتمد على أنهم إن صاروا إلى أمره ونجع هذا التدبير في تمام غرضه فقد بلغ المراد ، وإن لم ينجع ذلك عدل عن الرأي الأول كما وصفناه في حال الرؤساء في تدبيراتهم . على أن أبا بكر لم يقسم بالله تعالى في قتال أهل الردة بنفسه وإنما أقسم بأنصاره الذين اتبعوه على رأيه ، وليس في يمينه بالله سبحانه لينفذن خالدا وأصحابه ليصلوا بالحرب دليل على شجاعته في نفسه . وشئ آخر : وهو أن أبا بكر قال هذا القول عند غضبه لمباينة القوم له ، ولا خلاف بين ذوي العقول أن الغضبان يعتريه عند غضبه من هيجان الطباع ما يفسد عليه رأيه ، حتى يقدم من القول على ما لا يفي به عند سكون نفسه ، ويعمل من الأعمال ما يندم عليه عند زوال الغضب عنه ، ولا يكون وقوع ذلك منه دليلا على فساد عقله ووجوب إخراجه عن جملة أهل التدبير ، وقد صرح بذلك الرجل في خطبته المشهورة عنه التي لا يختلف اثنان فيها ، وأصحابه خاصة يصولون بها ويجعلونها من مفاخره ، حيث يقول : " إن رسول الله صلى الله عليه
نام کتاب : مواقف الشيعة نویسنده : الأحمدي الميانجي جلد : 1 صفحه : 26