نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 217
واعلم أن قول العالم : " لا أدري " لا يضع منزلته ، بل يزيدها رفعة ويزيده في قلوب الناس عظمة ، تفضلا من الله تعالى عليه ، وتعويضا له بالتزامه الحق ، وهو دليل واضح على عظمة محله وتقواه وكمال معرفته . لا يقدح في المعرفة الجهل بمسائل معدودة . وإنما يستدل بقوله : " لا أدري " على تقواه ، وأنه لا يجازف في فتواه ، وأن المسألة من مشكلات المسائل . وإنما يمتنع من " لا أدري " من قل علمه وعدمت تقواه وديانته ، لأنه يخاف لقصوره أن يسقط من أعين الناس ، وهذه جهالة أخرى منه ، فإنه بإقدامه على الجواب فيما لا يعلم يبوء بالاثم العظيم ، ولا يصرفه عما عرف به من القصور ، بل يستدل به على قصوره ، ويظهر الله تعالى عليه ذلك بسبب جرأته على التقول في الدين ، تصديقا لما ورد في الحديث القدسي : من أفسد جوانية أفسد الله برانيه 1 . ومن المعلوم أنه إذا رؤي المحققون يقولون في كثير من الأوقات : " لا أدري " وهذا المسكين لا يقولها أبدا ، يعلم أنهم يتورعون لدينهم وتقواهم ، وأنه يجازف لجهله وقلة دينه ، فيقع فيما فر منه ، واتصف بما احترز عنه لفساد نيته وسوء طويته . وقد قال النبي صلى الله عليه وآله : المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور 2 .
1 - في " مشكاة الأنوار " / 321 : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من عبد إلا وله جواني وبراني ، فمن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه ، ومن أفسد جوانيه أفسد الله عليه برانيه . . . " وفي " النهاية " ج 1 / 319 : " وفي حديث سلمان رضي الله عنه : إن لكل امرئ جوانيا وبرانيا ، فمن يصلح جوانيه يصلح الله برانيه ، ومن يفسد جوانيه يفسد الله برانيه ، أي باطنا وظاهرا ، وسرا وعلانية ، وهو منسوب إلى جو البيت وهو داخله ، وزيادة الألف والنون للتأكيد " وقال في 1 / 117 : " . . أراد بالبراني العلانية ، والألف والنون من زيادات النسب كما قالوا في صنعاء ، صنعاني . وأصله من قولهم خرج فلان برا ، أي خرج إلى البر والصحراء ، وليس من قديم الكلام وفصيحه " . وانظر أيضا " لسان العرب " ج 14 / 157 ، " جوا " و ج 4 / 54 " برر " . 2 - " شرح المهذب " ج 1 / 58 " سنن أبي داود " ج 4 / 300 ، كتاب الأدب ، الحديث 4997 ، " النهاية " ج 2 / 441 ، وفيه : " لا يملك " بدل " لم يعط " قال ابن الأثير في توضيح الحديث : " أي المتكثر بأكثر مما عنده يتحمل بذلك ، كالذي يري أنه شبعان ، وليس كذلك ، ومن فعله فإنما يسخر من نفسه . وهو من أفعال ذوي الزور ، بل هو في نفسه زور ، أي كذب " وانظر " مجمع الأمثال " ج 2 / 150 .
نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 217