نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 158
الحج ، ولكن المقتصر عليه ليس من الحاج في شئ . كذلك هذا الرجل لو لم يتعلم هذه العلوم لتعطلت معرفة الاحكام ، إلا أنها ليست المنجية بنفسها ، كما حررناه بل هي مقدمة للمقصد الذاتي . وإذا كان هذا مثال حال الفقيه العارف بشرع الله ورسوله وأئمته ومعالم دين الله ، فكيف حال من يصرف عمره في معرفة عالم الكون والفساد الذي مآله محض الفساد ، والاشتغال بمعرفة الوجود ، وهل هو نفس الموجودات أو زائد عليها أو مشترك بينها ، أو غير ذلك من المطالب التي لا ثمرة لها ، بل لم يحصل لهم حقيقة ما طلبوا معرفته فضلا عن غيره . وإنما مثالهم في ذلك مثال ملك اتخذ عبيدا ، وأمرهم بدخول داره والاشتغال بخدمته وتكميل نفوسهم فيما يوجب الزلفى لدى حضرته واجتناب ما يبعد من جهته ، فلما أدخلهم داره ليشتغلوا بما أمرهم به أخذوا ينظرون إلى جدران داره وأرضها وسقفها حتى صرفوا عمرهم في ذلك النظر وماتوا ، ولم يعرفوا ما أراد منهم في تلك الدار ، فكيف ترى حالهم عند سيدهم المنعم عليهم المسدي جليل إحسانه إليهم مع هذا الاهمال العظيم لطاعته ، بل الانهماك الفظيع في معصيته ؟ ! واعلم 1 أن مثال هؤلاء أجمع مثال بيت مظلم باطنه ، وضع السراج على سطحه حتى استنار ظاهره ، بل مثال بئر الحش 2 ، ظاهرها جص ، وباطنها نتن ، أو كقبور الموتى ظاهرها مزينة وباطنها جيفة ، وكمثال رجل قصد ضيافة الملك إلى داره فجصص باب داره ، وترك المزابل في صدر داره ، وذلك غرور واضح جلي . بل أقرب مثال إليه : رجل زرع زرعا فنبت ، ونبت معه حشيش يفسده ، فأمر بتنقية الزرع عن الحشيش بقلعه من أصله ، فأخذ يجز رأسه ويقطعه ، فلا يزال يقوى أصله
1 - لاحظ " إحياء علوم الدين " ج 3 / 335 - 336 . 2 - " الحش : موضع قضاء الحاجة " راجع " المصباح المنير " / 165 - 166 ، و " لسان العرب " ج 6 / 286 ، " حشش " .
نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 158