نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 157
والاستعلاء ، والجاه والمال ، فيجب عليه التنبيه لدواء إحدى العلتين قبل أن تقوى عليه وتهلكه . وليعلم من ذلك أيضا أن مجرد تعلم هذه المسائل المدونة ليس هو الفقه عند الله تعالى وإنما الفقه عن الله 1 تعالى بإدراك جلاله وعظمته ، وهو العلم الذي يورث الخوف والهيبة والخشوع ، ويحمل على التقوى ، ومعرفة الصفات المخوفة فيجتنبها ، والمحمودة فيرتكبها ، ويستشعر الخوف ويستثير الحزن ، كما نبه الله تعالى عليه في كتابه بقوله : فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم 2 . والذي يحصل به الانذار غير هذا العلم المدون ، فإن مقصود هذا العلم حفظ الأموال بشروط المعاملات ، وحفظ الأبدان بالأموال وبدفع القتل والجراحات ، والمال في طريق الله آلة ، والبدن مركب ، وإنما العلم المهم هو معرفة سلوك الطريق إلى الله تعالى ، وقطع عقبات القلب التي هي الصفات المدمومة ، وهي الحجاب بين العبد وبين الله تعالى ، فإذا مات ملوثا بتلك الصفات كان محجوبا عن الله تعالى ، ومن ثم كان العلم موجبا للخشية ، بل هي منحصرة في العالم كما نبه عليه تعالى بقوله : إنما يخشى الله من عباده العلماء 3 . أعم من أن يكونوا فقهاء أو غير فقهاء . ومثال هذا الفقيه في الاقتصار على علم الفقه المتعارف مثال من اقتصر من سلوك طريق الحج على علم الخرز 4 الرواية والخف ، ولا شك أنه لو لم يكن لتعطل .
1 - كذا في أكثر النسخ ونسخة " ة " ولكن في بعضها " عند الله " بدل " عن الله " . قال الغزالي في " إحياء علوم الدين " ج 3 / 339 : " . . . وترك علم تهذيب الأخلاق وترك الفقه عن الله تعالى بإدراك جلاله وعظمته وهو العلم الذي يورث الخوف والهيبة والخشوع ويحمل على التقوى . . . وسبب غروره ما سمع في الشرع من تعظيم الفقه ولم يدر أن ذلك الفقه هو الفقه عن الله ومعرفة صفاته المخوفة والمرجوة ليستشعر القلب الخوف ويلازم التقوى . . . " . 2 - سورة التوبة ( 9 ) : 122 . 3 - سورة فاطر ( 35 ) : 28 . 4 - " خرزت الجلد خرزا ، من باب ضرب وقتل ، وهو كالخياطة في الثياب . والخرز معروف ، الواحدة : خرزة مثل قصب وقصبة ، وخرز الظهر : فقاره . " ( " المصباح المنير " / 200 ، " خرز " )
نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 157