نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 151
في نفسه ، مخدوع عن دينه ، ملبس عليه عاقبة أمره ، وإنما مثله مثل مريض به علة لا يزيلها إلا دواء مركب من أخلاط كثيرة ، لا يعرفها إلا حذاق الأطباء ، فسعى في طلب الطبيب بعد أن هاجر عن وطنه حتى عثر على طبيب حاذق ، فعلمه الدواء ، وفصل له الاخلاط ، وأنواعها ومقاديرها ، ومعادنها التي منها تجلب وعلمه كيفية دق كل واحد منها ، وكيفية خلطها وعجنها ، فتعلم ذلك منه ، وكتب منه نسخة حسنة بحسن خط ، ورجع إلى بيته ، وهو يكررها ويقرأها ، ويعلمها المرضى ، ولم يشتغل بشربها واستعمالها ، أفترى أن ذلك يغني عنه من مرضه شيئا ؟ ! هيهات لو كتب منه ألف نسخة ، وعلمه ألف مريض حتى شفى جميعهم ، وكرره كل ليلة ألف مرة لم يغنه ذلك من مرضه شيئا إلى أن يزن الذهب ، ويشتري الدواء ويخلطه كما تعلم ، ويشربه ، ويصبر على مرارته ، ويكون شربه في وقته ، وبعد تقديم الاحتماء ، وجميع شروطه ، وإذا فعل جميع ذلك كله ، فهو على خطر من شفائه ، فكيف إذا لم يشربه أصلا ؟ هكذا الفقيه إذا أحكم علم الطاعات ، ولم يعمل بها ، وأحكم علم المعاصي الدقيقة والجليلة ، ولم يجتنبها ، وأحكم على الأخلاق المذمومة ، وما زكى نفسه منها ، وأحكم علم الأخلاق المحمودة ، ولم يتصف بها ، فهو مغرور في نفسه مخدوع عن دينه ، إذ قال الله تعالى : قد أفلح من زكيها . 1 ولم يقل : قد أفلح من تعلم كيفية تزكيتها ، وكتب علمها ، وعملها الناس . وعند هذا يقول له الشيطان : لا يغرنك هذا المثال ، فإن العلم بالدواء لا يزيل المرض ، وأما أنت فمطلبك القرب من الله تعالى وثوابه ، والعلم يجلب الثواب ، ويتلو عليه الأخبار الواردة في فضائل العلم . فإن كان المسكين معتوها مغرورا وافق ذلك هواه ، فاطمأن إليه وأهمل ، وإن كان كيسا ، فيقول للشيطان : أتذكرني فضائل العلم ، وتنسيني ما ورد في العالم الذي لا يعمل بعلمه ، كقوله تعالى - في وصفه مشيرا إلى بلعم بن باعورا ، الذي كان في حضرته اثنا عشر ألف محبرة يكتبون عنه ،
1 - سورة الشمس ( 91 ) : 9 .
نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 151