responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 148


لحقا ، ولكن إياك أن تركن إلى الدنيا ، فإن الله قد حملك علما فلا تضيعه ، وتركن إلى غيره . فقال الرجل : لا يكون إلا خيرا . ومضى نحو أقاربه ، فطالت غيبته ، فسأل موسى عليه السلام عنه ، فلم يخبره أحد بحاله ، فسأل جبرئيل عليه السلام عنه فقال له : أخبرني عن جلسي فلان ألك به علم ؟ قال : نعم هو ذا 1 على الباب قد مسخ قردا في عنقه سلسلة . ففزع موسى عليه السلام إلى ربه ، وقام إلى مصلاه يدعو الله ، ويقول : يا رب صاحبي وجليسي ؟ فأوحى الله عز وجل إليه :
يا موسى لو دعوتني حتى تنقطع ترقوتاك ما استجبت لك فيه ، إني كنت حملته علما ، فضيعه ، وركن إلى غيره 2 .
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
قال أمير المؤمنين عليه السلام : يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرة ، فرأسه التواضع ، وعينه البراءة من الحسد ، وأدنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه الفحص ، وقلبه حسن النية ، وعقله معرفة الأسباب والأمور ، ويده الرحمة ، ورجله زيارة العلماء ، وهمته السلامة ، وحكمته الورع ، ومستقره النجاة ، وقائده العافية ، ومركبه الوفاء ، وسلاحه لين الكلمة ، وسيفه الرضا ، وقوسه المداراة ، وجيشه محاورة ، العلماء ، وماله الأدب ، وذخيرته اجتناب الذنوب ، ورداؤه المعروف ، ومأواه الموادعة ، ودليله الهدى ، ورفيقه محبة الأخيار 3 .
وفي حديث عنوان البصري 4 الطويل عن الصادق عليه السلام :
.


1 - انظر معنى هذه الكلمة وتفسيرها في تعاليق الأستاذ المحقق حسن زاده الآملي على " كشف المراد " / 580 - 581 . 2 - " ياقوت القلوب " ج 1 / 144 ، " إحياء علوم الدين " ج 1 / 55 ، مع اختلاف كثير في الألفاظ ، ولم أقف عليه بنص ألفاظه . ونقل في " بحار الأنوار " ج 2 / 40 ، عن " منية المريد " فقط . 3 - " الكافي " ج 1 / 48 ، كتاب فضل العلم ، باب النوادر ، الحديث 2 ، وفيه : " وزاده المعروف " بدل " رداؤه المعروف " . 4 - حديث عنوان البصري مروي في " مشكاة الأنوار " / 325 - 328 ، و " بحار الأنوار " ج 1 / 224 - 226 ، ونحن ننقله هنا بطوله - لما فيه من الفائدة - " عن بحار الأنوار " . قال العلامة المجلسي ، قدس الله نفسه الزكية : " أقول : وجدت بخط شيخنا البهائي قدس الله روحه ، وما هذا لفظه : قال الشيخ شمس الدين محمد بن مكي : نقلت من خط الشيخ أحمد الفراهاني رحمه الله عن عنوان البصري - وكان شيخا كبيرا قد أتى عليه أربع وتسعون سنة - قال : كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين ، فلما قدم جعفر الصادق عليه السلام المدينة ، اختلفت إليه وأحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك . فقال لي يوما : إني رجل مطلوب ومع ذلك لي أوراد في كل ساعة من آناء الليل والنهار ، فلا تشغلني عن وردي ، وخذ عن مالك ، واختلف إليه كما كنت تختلف إليه ، فاغتممت من ذلك ، وخرجت من عنده وقلت في نفسي : لو تفرس في خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه والاخذ عنه ، فدخلت مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلمت عليه ، ثم رجعت من الغد إلى الروضة وصليت فيها ركعتين ، وقلت أسألك يا الله يا الله ! أن تعطف علي قلب جعفر وترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم . ورجعت إلى داري مغتما ولم أختلف إلى مالك بن أنس لما أشرب قلبي من حب جعفر ، فما خرجت من داري إلا إلى الصلاة المكتوبة حتى عيل صبري ، فلما ضاق صدري تنعلت وترديت وقصدت جعفرا وكان بعد ما صليت العصر ، فلما حضرت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال ما حاجتك ؟ فقلت : السلام على الشريف ، فقال : هو قائم في مصلاه ، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلا يسيرا إذ خرج خادم فقال : ادخل على بركة الله ، فدخلت وسلمت عليه ، فرد السلام وقال : اجلس غفر الله لك ، فجلست فأطرق مليا ، ثم رفع رأسه ، وقال : أبو من ؟ قلت : أبو عبد الله ، قال : ثبت الله كنيتك ووفقك ، يا أبا عبد الله ما مسألتك ؟ فقلت في نفسي : لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا . ثم رفع رأسه ، ثم قال : ما مسألتك ؟ فقلت : سألت الله أن يعطف قلبك علي ويرزقني من علمك ، وأرجو أن الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته ، فقال : يا أبا عبد الله ! ليس العلم بالتعلم ، إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يديه ، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية ، واطلب العلم باستعماله ، واستفهم الله يفهمك ، قلت : يا شريف ! فقال : قل يا أبا عبد الله . قلت : يا أبا عبد الله ! ما حقيقة العبودية ؟ قال : ثلاثة أشياء : أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكا ، لان العبيد لا يكون لهم ملك ، يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به ، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا ، وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه ، فإذا لم يرد العبد لنفسه فيما خوله الله تعالى ملكا هان عليه الانفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه وإذا فوض العبد تدبير نفسه على مدبره هان عليه مصائب الدنيا ، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس ، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا ، وإبليس ، والخلق ، ولا يطلب الدنيا تكاثرا وتفاخرا ، ولا يطلب ما عند الناس عزا وعلوا ، ولا يدع أيامه باطلا ، فهذا أول درجة التقى ، قال الله تبارك وتعالى : " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين " [ سورة القصص ( 28 ) : 83 ] . قلت : يا أبا عبد الله ! أوصني ، قال : أوصيك بتسعة أشياء فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى ، والله أسأل أن يوفقك لاستعماله ، ثلاثة منها في رياضة النفس ، وثلاثة منها في الحلم ، وثلاثة منها في العلم ، فاحفظها وإياك والتهاون بها . قال عنوان : ففرغت قلبي له . فقال : أما اللواتي في الرياضة : فإياك أن تأكل مالا تشتهيه فإن يورث الحماقة والبله ، ولا تأكل إلا عند الجوع ، وإذا أكلت فكل حلالا وسم الله ، واذكر حديث الرسول الله صلى الله عليه وآله : ما ملا آدمي وعاء شرا من بطنه . فإن كلان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه وأما اللواتي في الحلم : فمن قال لك : إن قلت واحدة سمعت عشرا ، فقل : إن قلت عشرا لم تسمع واحدة ، ومن شتمك فقل له : إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي ، وإن كنت كاذبا فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك ، ومن وعدك بالخنى فعده بالنصيحة والدعاء . وأما اللواتي في العلم : فاسأل العلماء ما جهلت ، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة ، وإياك أن تعمل برأيك شيئا ، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا ، واهرب من الفتيا هربك من الأسد ، ولا تجعل رقبتك للناس جسرا . قم عني يا أبا عبد الله ! فقد نصحت لك ولا تفسد علي وردي ، فإني امرء ضنين بنفسي ، والسلام على من اتبع الهدى "

نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست