ثم قال في الفصل الرابع : وقال معاوية لخالد بن معمر : لم أحببت عليا ؟ قال : على ثلاث خصال : على حلمه إذا غضب ، وعلى صدقه إذا قال ، وعلى عدله إذا حكم . ثم قال : ومناقب علي وفضائله أكثر من أن تحصى ( 1 ) . انتهى . قال أبو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري في كتاب الاستيعاب في معرفة الصحابة : حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، قال : حدثنا يحيى بن مالك بن عائد ، قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد ابن سلمة البغدادي بمصر ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال : أخبرنا الكلبي ، عن الحرمازي ، عن رجل من همدان ، قال : قال معاوية لضرار الصيدائي : يا ضرار صف لي عليا ، قال : اعفني يا أمير المؤمنين ، قال : لتصفنه . قال : أما إذا لابد من وصفه فكان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، ينفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواصيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل ووحشته ، وكان غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما خشن ، كان فينا كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ، وينبؤنا إذا استنبأناه ، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له ، يعظم أهل الدين ، ويقرب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه - وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه - قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : " يا دنيا غري غيري ، ألي تعرضني ، أم إلي تشوقتي ، هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، وخطرك حقير ، آه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق " .