نام کتاب : مكارم الأخلاق نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 448
إلا خمسين عاما يدعو إلى الله ، فكان إذا أصبح قال : لا أمسي . وإذا أمسى قال : لا أصبح ، وكان لباسه الشعر وطعامه الشعير . وإن شئت نبأتك بأمر داود ( عليه السلام ) خليفة الله في الأرض ، كان لباسه الشعر وطعامه الشعير . وإن شئت نبأتك بأمر سليمان ( عليه السلام ) مع ما كان فيه من الملك ، كان يأكل الشعير ويطعم الناس الحواري [1] ، وكان لباسه الشعر ، وكان إذا جنه الليل شد يده إلى عنقه فلا يزال قائما يصلي حتى يصبح . وإن شئت نبأتك بأمر إبراهيم خليل الرحمن ( عليه السلام ) ، كان لباسه الصوف وطعامه الشعير . وإن شئت نبأتك بأمر يحيى ( عليه السلام ) ، كان لباسه الليف وكان يأكل ورق الشجر . وإن شئت نبأتك بأمر عيسى بن مريم ( عليه السلام ) فهو العجب ، كان يقول : إدامي الجوع وشعاري الخوف ولباسي الصوف ودابتي رجلاي وسراجي بالليل القمر واصطلائي في الشتاء مشارق الشمس وفاكهتي وريحانتي بقول الأرض مما يأكل الوحوش والانعام ، أبيت وليس لي شئ وأصبح وليس لي شئ وليس على وجه الأرض أحد أغنى مني . يا ابن مسعود : كل هذا منهم يبغضون ما أبغض الله ويصغرون ما صغر الله ويزهدون ما أزهد الله وقد أثنى الله عليهم في محكم كتابه ، فقال لنوح ( عليه السلام ) : " إنه كان عبدا شكورا " . وقال لإبراهيم ( عليه السلام ) : " واتخذ الله إبراهيم خليلا " . وقال لداود ( عليه السلام ) : " إنا جعلناك خليفة في الأرض " وقال لموسى ( عليه السلام ) : " وكلم الله موسى تكليما " . وقال أيضا لموسى ( عليه السلام ) : " وقربناه نجيا " . وقال ليحيى عليه السلام : " وآتيناه الحكم صبيا " . وقال لعيسى ( عليه السلام ) : " يا عيسى بن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا " إلى قوله " وإذا تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني " . وقال : " انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " . يا ابن مسعود : كل ذلك لما خوفهم الله في كتابه من قوله : " وإن جهنم لموعدهم أجمعين ، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " . وقال تعالى : " وجيئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون " . يا ابن مسعود : النار لمن ركب محرما والجنة لمن ترك الحلال ، فعليك بالزهد فإن ذلك مما يباهي الله به الملائكة وبه يقبل الله عليك بوجهه ويصلي عليك الجبار .