نام کتاب : مكارم الأخلاق نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 10
ولقد كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ويخصف بيده نعله ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه ويكون الستر على باب بيته تكون فيه التصاوير فيقول : يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيبيه عني فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها ، فأعرض عن الدنيا بقلبه وأمات ذكرها من نفسه وأحب أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتخذ منها رياشا [1] ولا يعتقدها قرارا ولا يرجو فيها مقاما ، فأخرجها من النفس وأشخصها عن القلب وغيبها عن البصر وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه وأن يذكر عنده . ولقد كان في رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما يدلك على مساوئ الدنيا وعيوبها ، إذ جاع فيها مع خاصته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته ، فلينظر ناظر بعقله أأكرم الله بذلك محمدا أم أهانه ؟ فإن قال : أهانه فقد كذب والله العظيم ، وأتى بالإفك العظيم ، وإن قال : أكرمه فليعلم أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له وزواها عن أقرب الناس منه . فإن تأسى متأس بنبيه واقتص أثره وولج مولجه وإلا فلا يأمن الهلكة فإن الله جعل محمدا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علما للساعة ومبشرا بالجنة ومنذرا بالعقوبة ، خرج من الدنيا خميصا وورد الآخرة سليما ، لم يضع حجرا على حجر حتى مضى لسبيله وأجاب داعي ربه ، فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفا نتبعه وقائدا نطأ عقبه والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ولقد قال لي قائل : ألا تنبذها ؟ ! فقلت : اغرب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى . فهذه الخطبة كافية في مقصودنا على طريق الجملة ونحن نذكر تفصيل مكارم أخلاقه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في جميع أحواله وتصرفاته وجلوسه وقيامه وسفره وحضره وأكله وشربه خاصة وجميع ما روي عنه وعن الصادقين عليهم السلام في أحوال الناس عامة ونسأل الله التوفيق في إتمامه ، إنه على ما يشاء قدير ، وتيسير العسير عليه سهل يسير .