نام کتاب : مكاتيب الرسول نویسنده : الأحمدي الميانجي جلد : 1 صفحه : 76
وانظر إلى خطب الرسول ، وخطب أمير المؤمنين صلى الله عليهما وآلهما ، وكلماتهما القصار ، تراها قليلة اللفظ كثيرة المعنى ، هذا كله في خطبهم . وأما كتبهم فإنها كانت على هذا النمط أيضا ، وكان همهم في كتبهم ، إفهام المقابل ما يبغون من دون أي تكلف ، أو تسجيع ، أو تطويل ، وأضف إلى ذلك السذاجة العربية وقتئذ ، التي لم تكن تر للبدء والختم في الكتاب شأنا خاصا . ونحن نورد كتاب أكثم إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو من الفصحاء المعروفين في الجاهلية ، كي تقيس به ما عداه ، وتعرف به صحة ما قلناه : باسمك اللهم ، من العبد إلى العبد ، فأبلغنا ما بلغك ، فقد أتانا عنك خبر ، لا ندري ما أصله ، فإن كنت أريت فأرنا ، وإن كنت علمت فعلمنا ، وأشركنا في كنزك ، والسلام [1] . ألا تراه كيف أتى على ما رامه ، من دون أي تكلف ، أو إسهاب ، وفي أي مرتبة من السذاجة والبساطة . إذا عرفت ذلك ، فارجع إلى كتب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقسها ، وتدبرها تدبر رعاية ودراية ، تجد فيها البلاغة من وجوه كثيرة : 1 - الاقتصار على القدر الضروري من أصول المطالب ، من دون نظر إلى فروعها ، وتجزئة الأمور ، والأعمال الصغار ، فمثلا : بين أحكام الصدقة على حد من الايجاز بحيث لا يفهم منه إلا أصول الأحكام ، لعدم الحاجة إلى التفصيل والإطناب . 2 - الاقتصار في ألفاظها على تقريب المعاني إلى المخاطبين بلا تكلف ، ولا ارتكاب تسجيع وتطويل .