نام کتاب : مكاتيب الرسول نویسنده : الأحمدي الميانجي جلد : 1 صفحه : 491
الناس من لا يفقه سر هذه البلاغة ، ويماري فيما كتب علماء المعاني والبيان من قواعدها [1] . فالقرآن معجز للبشر على اختلاف نوعه في العلم والفهم والشعور فقد يكون معجزا له في المعارف المحقة والمطالب العقلية ، وقد يكون معجزا في الإخبار بالغيب من الماضي والحال الاستقبال ، وقد يكون معجزا في التقنين أو بيان المسائل الأخلاقية ، وفى ذكر الأمراض الروحية والجسمية ، وقد يكون معجزا في بيان حقائق الكون . . . " وإنما ملاك الإعجاز فيه أمر يستطيع كل أحد أن يدركه وأن يفهمه . . . وهو أمر تشتمل عليه حتى السورة التي لا تزيد على السطر الواحد كسورة الكوثر مثلا . . . وهو أمر يجده كل أحد مهما كان تخصصه ، ومهما كان مستواه الفكري وأيا كان نوع ثقافته . . . وفي أي عصر وفي أي ظرف . . . " [2] . والذي كان في وسع المخاطبين الذين لم يكن عندهم حظ من العلم أبدا ، وإنما كانوا في قمة من الفصاحة والبلاغة ، ولا يدركون غيرها ، ولا يفتخرون إلا بها ، ولا يتم الحجة عليهم إلا بإفحامهم بها ، فحينئذ لم يكن القرآن الكريم حجة عليهم إلا من هذه الناحية وهو إدراك كونه معجزا في الأسلوب والنظم والفصاحة والبلاغة . فبعد ذلك كله أي كلام يلتبس بالقرآن ويشبهه ويضاهيه ، فهذا التعليل " لا يقتنع به عاقل عالم ، ولا يقبله محقق دارس ، اللهم إلا إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة ، وأن أسلوبها في الإعجاز من أسلوبه ، وهذا ما لا يقره أحد حتى الذين جاءوا بهذا الرأي ، إذ معناه إبطال المعجزة وهدم أصولها من القواعد . هذا على أن الأحاديث لو كانت قد كتبت فإنما ذلك على أنها أحاديث للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وبين الحديث والقرآن - ولا ريب - فروق كثيرة يعرفها كل من له بصر