الطير [1] ، حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله مرفرفة ، وألقت بغصنها الاعلى على رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وببعض أغصانها على منكبي ، وكنت عن يمينه صلى الله عليه وآله ، فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا واستكبارا : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب اقبال وأشده دويا ، فكانت تلتف برسول الله صلى الله عليه وآله ، فقالوا كفرا وعتوا : فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان ، فأمره ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فرجع فقلت أنا : لا إله إلا الله ، فأني أول مؤمن بك يا رسول الله ، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا بنبوتك واجلالا لكلمتك ، فقال القوم كلهم : بل ساحر كذاب عجيب السحر خفيف فيه ، وهل يصدقك في أمرك الا مثل هذا ؟ ( يعنوني ) [2] . هكذا كان رسول الله ( ص ) يرفع للامام في صغره كل يوم من أخلاقه علما ويأمره بالاقتداء به ، ويزقه العلم زقا في كبره ويخصه بمناجاته . وقد ورد في صحيح الترمذي وغيره واللفظ للترمذي عن جابر قال : " دعا رسول الله ( ص ) عليا ( ع ) يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه فقال رسول الله ( ص ) : ما انتجيته ولكن الله انتجاه " [3] . وفي رواية : " لما كان يوم الطائف دعا رسول الله ( ص ) عليا فناجاه طويلا فقال بعض أصحابه . . . " الحديث [4] . وفي رواية جندب بن ناجية أو ناجية بن جندب : " لما كان يوم غزوة الطائف قام النبي ( ص ) مع علي ( ع ) مليا ثم مر ، فقال له أبو بكر : يا رسول لله لقد طالت مناجاتك عليا منذ اليوم ، فقال : ما انا انتجيته ولكن الله انتجاه " [5] .
[1] القصف : الصوت الشديد . و " ريح قاصف " أي : شديدة . و " رعد قاصف " أي : شديد الصوت . [2] الخطبة 190 من نهج البلاغة ، ج 2 ص 182 - 184 . [3] صحيح الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب علي بن أبي طالب ج 13 / 173 وتاريخ بغداد للخطيب ج 7 / 402 . [4] أسد الغابة ج 4 / 27 . [5] كنز العمال ط 2 ج 12 / 200 ، ح 1122 ، والرياض النضرة 2 / 265 .