مات كسرى كان كسرى مكانه ، لا نفعل والله أبدا ، وبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد ، فردها عليه عبد الرحمن ، وأبى أن يأخذها ، وقال : أبيع ديني بدنياي ! ؟ فخرج إلى مكة ، فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد بن معاوية [1] . " وذكر ابن عبد البر بعده وقال : " إن عبد الرحمن مات فجأة بموضع يقال له : " الجشي " [2] على نحو عشرة أميال من مكة فدفن بها ، ويقال أنه توفي في نومة نامها ، ولما اتصل خبر موته بأخته عائشة أم المؤمنين ( رض ) ظعنت من المدينة حاجة حتى وقفت على قبره ، وكانت شقيقته ، فبكت عليه وتمثلت : وكنا كندماني جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا * لطول اجتماع لم نبت معا [3] أما والله لو حضرتك لدفنتك حيث مكانك ، ولو حضرت ما بكيت " . وفي مستدرك الحاكم : رقد في مقيل قاله فذهبوا يوقظونه فوجدوه قد مات ، فدخل في نفس عائشة تهمة أن يكون صنع به شرا وعجل عليه فدفن وهو حي [4] . لو بقي عبد الرحمن حيا لما تمت بيعة يزيد مع موقفه الصارم ضد بيعته ومعه أم المؤمنين عائشة فمات في طريق مكة ، كما مات مالك الأشتر في طريق مصر مسموما بسم دس إليه معاوية [5] . مات عبد الرحمن ليفسح الطريق لبيعة يزيد كما توفي قبله الإمام الحسن بسم دس إليه معاوية ، اغتيل عبد الرحمن في هذا السبيل كما اغتيل سعد بن أبي وقاص
[1] راجع ترجمة عبد الرحمن بن أبي بكر من الاستيعاب ( ج 2 / 393 ) وأسد الغابة ( ج 3 / 306 ) والإصابة ( ج 2 / 400 ) وشذرات الذهب في ذكر حوادث سنة 53 ه وقريب منه ما في مستدرك الحاكم ( ج 3 / 476 ) . [2] في معجم البلدان . الجشي : جبل بأسفل مكة ، بينه وبين مكة ستة أميال ، مات عنده عبد الرحمن بن أبي بكر فجأة ، فحمل على رقاب الرجال إلى مكة ، فقدمت عائشة من المدينة وأتت قبره وتمثلت : وكنا كندماني جذيمة . . . البيتين . [3] راجع ترجمة عبد الرحمن بن أبي بكر من الاستيعاب . [4] مستدرك الحاكم ( ج 3 / 476 ) وكذلك في تلخيص المستدرك للذهبي . [5] راجع فصل ، مع معاوية من كتابنا " أحاديث أم المؤمنين عائشة " .